صفحة رقم ٧٨
قيل :( قالوا ( قول واثق بأنه في رحالهم :( فما جزاؤه ) أي الصواع ) إن كنتم كاذبين ( في تبرئكم من السرقة ؛ والجزاء : مقابلة العمل بما يستحق عليه من خير أو شر ) قالوا ( وثوقاً منهم بالبراءة وإخباراً بالحكم عندهم ) جزاؤه ) أي الصواع ) من (.
ولما كان العبرة بنفس الوجدان، بنوا للمفعول قولهم :( وجد في رحله ( ولتحققهم البراءة علقوا الحكم على مجرد الوجدان لا السرقة ؛ ثم أكدوا ذلك بقولهم :( فهو جزاءه ) أي ليس غير، فكأنه قيل : هل هذا أمر أحدثتموه الآن أو هو مشروع لكم ؟ فقالوا :( كذلك ) أي بل هو سنة لنا، مثل ذلك الجزاء الشديد ) نجزي الظالمين ) أي بالظلم دائماً، نرقّه في سرقته ؛ فحينئذ فتش أوعيتهم ) فبدأ ) أي فتسبب عن ذلك أنه بدأ المؤذن أو غيره ممن أمر بذلك ) بأوعيتهم (.
ولما لم يكن - بين فتح أوعيتهم وفتح وعاء أخيه - فاصل يعد فاصلاً، فكانت بداءته بأوعيتهم مستغرقة لما بينهم من الزمان، لم يأت بجار، فقال ) قبل وعاء أخيه ) أي أخي يوسف عليه الصلاة والسلام شقيقه، إبعاداً عن التهمة ) ثم ) أي بعد تفتيش أوعيتهم والتأني في ذلك ) استخرجها ) أي أوجد إخراج السقاية التي تقدم أنه جعلها في وعاء أخيه ) من وعاء أخيه (.
ولما كان هذا كيداً عظيماً في أخذ أخيه بحكمهم، مع ما توثق منهم أبوهم، عظمه تعالى بالإشارة إليه بأداة البعد والإسناد إليه قال :( كذلك ) أي مثل هذا الكيد العظيم ) كدنا ليوسف ( خاصة بأن علمناه إياه جزاء لهم على كيدهم بيوسف عليه الصلاة والسلام، ولذلك صنعنا جميع الصنائع التي أعلت يوسف عليه الصلاة والسلام وألجأت إخوته الذين كادوه بما ظنوا أنه أبطل أمره إلى المجيء إليه إلى أن كان آخرها حكمهم على أنفسهم بما حكمواِ، ثم علل ذلك بقوله :( ما كان ( أو هو استئناف تفسير للكيد، وأكد النفي باللام فقال :( ليأخذ أخاه (.
ولما كان الأخذ على جهات مختلفة، قيده بقوله :( في دين الملك ( يعني ملك مصر، على حالة من الحالات، لأن جزاء السارق عندهم غير هذا ) إلا أن يشاء الله ) أي الذي له الأمر كله، ذلك بسبب يقيمه كهذا السبب الذي هو حكم السارق وأهله على أنفسهم، فلا يكون حينئذ من الملك إلا تخليتهم وما حكموا به على نفوسهم.
ومادة ( سرق ) بتراكيبها الأربعة : سرق، وسقر، وقسر، وقرس - تدور على الغلبة المحرقة والموجعة، وتارة تكون بحر، وتارة ببرد، وتارة بغير ذلك، وتلازمها القوة والضعف والكثرة والقلة والمخادعة، فيأتي الخفاء والليل، فمن مطلق الغلبة : القسر، وهو الغلبة والقهر، وقال ابن دريد : القسر : الأخذ بالغلبة والاضظهاد، والقسورة :


الصفحة التالية
Icon