صفحة رقم ٩٣
يوسف :( ٨٩ - ٩٢ ) قال هل علمتم.....
) قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ قَالُواْ أَإِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَآ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ قَالُواْ تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ( ( )
فلما رأى أن الأمر بلغ الغاية ولم يبق شيء يتخوفه، عرفهم بنفسه فاستأنف تعالى الإخبار عن ذلك بقوله حكاية :( قال هل علمتم ( مقرراً لهم بعد أن اجترؤوا عليه واستأنسوا به، والظاهر أن هذا كان بغير ترجمان ) ما ) أي قبح الذي ) فعلتم بيوسف ) أي أخيكم الذي حلتم بينه وبين أبيه ) وأخيه ( في جعلكم إياه فريداً منه ذليلاً بينكم، ثم في قولكم له لما وجدوا الصواع في رحله : لا يزال يأتينا البلاء من قبلكم يا بني راحيل وأعلمهم بأن ظنه فيهم الآن جميل تسكيناً لهم فقال :( إذ ) أي حين ) أنتم جاهلون ) أي فاعلون فعلهم - تلويحاً لهم إلى معرفته وتذكيراً بالذنب ليتوبوا، وتلطفاً معهم في ذلك المقام الذي يتنفس فيه المكروب، وينفث فيه المصدور، ويشتفي فيه المغيظ المحنق، ويدرك ثأره الموتور، بتخصيص جهلهم - بمقتضى ( إذا ) - بذلك الزمان إفهاماً لهم أنهم الآن على خلاف ذلك، فكأنه قيل : إنه قد قرب لهم الكشف عن أمره، لأنه لا يستفهم ملك مثله - لم ينشأ بينهم ولا تتبع أحوالهم وليس منهم - هذا الاستفهام ولا سيما وقد روى أنه لما قال هذا تبسم، وكان في تبسمه أمر من الحسن لا يجهله معه من رآه ولو مرة واحدة، فهل عرفوه ؟ فقيل : ظنوه ظناً غالباً، ولذلك ) قالوا ( مستفهمين ) أإنك ( وأكدوا بقولهم :( لأنت يوسف (.
ولما كان المتوقع من مثله فيما هو فيه من العظمة أن يجازيهم على سوء صنيعهم إليه، استأنف بيان كرمه فقال :( قال أنا يوسف ( وزادهم قوله :( وهذا أخي ) أي بنيامين شقيقي لذكره لهم في قوله ) وأخيه ( وليزيدهم ذلك معرفة له، وثبتها في أمره بتصديقه له مع مكثه عنده مدة ذهابهم وإيابهم، وليبني عليه قوله :( قد منَّ الله ) أي الذي له الجلال والإكرام ) علينا ( بأن جمع بيننا على خير حال تكون ؛ ثم تعليله بقوله :( إنه من يتق ( وهو مجزوم لأنه فعل الشرط، وأثبت قنبل - بخلافه عنه - ياءه في الحالين معاملاً له معاملة الصحيح إشارة إلى وصف التقوى بالصحة الكاملة والمكنة الزائدة والملازمة لها في كل حال ) ويصبر ) أي يوفه الله أجره لإحسانه ) فإن الله ) أي الذي له الإحاطة بأوصاف الكمال ) لا يضيع ) أي أدنى إضاعة - أجره، هكذا كان الأصل، ولكنه عبر بما يعرف أن التقوى والصبر والإحسان، فقال :( أجر المحسنين (


الصفحة التالية
Icon