صفحة رقم ١١٦
الذي دل عليه الفعل :( كطيّ السجل ) أي الكتاب الذي له العلو والقدرة على مكتوبه ) للكتب ) أي القرطاس الذي يكتبه ويرسله إلى أحد، وإنما قلت ذلك لأن السجل يطلق علىالكتاب وعلى الكاتب - قاله في القاموس، واختير للفاعل لفظ السجل لما مضى في سورة هود من أن هذه المادة تدور على العلو، وللمطوي لفظا الكتاب الدال على الجمع، لكونه لازماً للطي، مع أن ذلك أنسب لما جعل كل منهما مثالاً له، وقراءة المفرد لمقابلة لفظ السماء، والجمع للدلالة على أن المراد الجنس، فجميع السماوات تطوى ؛ قال ابن كثير : قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي محمد ثنا محمد بن أحمد بن أحمد بن الحجاج الرقي حدثنا محمد بن سلمة عن أبي الواصل عن أبي المليح عن الأزدي عن أبي الجوزاء الأزدي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يطوي الله السماوات السبع بما فيها من الخليفة، والأرضين السبع بما فيها من الخليفة، يطوي ذلك كله بيمينه حتى يكون ذلك بمنزلة خردلة.
ولما كان هذا عند من لا يعلم أعظم استبعاداً من استبعادهم إعادة الموتى، قال دالاً عليه مقرباً له إلى العقول بتشبيه الإعادة بالإبداء، في تناول القدرة لهما على السواء، فإنه كما أخرجه بعلم من خزائن قدرته كذلك يرده بعلمه في خزائن قدرته، كما يصنع في نور السراج ونحوه إذا أطفىء، فكذا في غيره من جميع الأشياء ) كما ) أي مثل ما ) بدأنا ) أي بما عُلم لنا من العظمة ) أول خلق ) أي تقدير أيّ تقدير كان، نكره ليفيد التفصيل واحداً واحداً، بمهنى أن كل خلق جل أو قل سواء في هذا الحكم، وهو أنا ) نعيده ) أي بتلك العظمة بعينها، غير ناسين له ولا غافلين ولا عاجزين عنه، فما كان متضامّ الأجزاء فمددناه نضمه بعد امتداده، وما كان ميتاً فأحييناه نميته بعد حياته، وما كان حياً فأمتناه نحييه بعد موته، ونعيد ممنهم من التراب من بدأناه منه، والحاصل أن من أوجد شيئاً لا يبعد عليه التصرف فيه كيفما كان ؛ ورى البخاري في التفسير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خطب النبي ( ﷺ ) فقال :( إنكم محشورون إلى الله غرلاً ) كما بدأنا أول الخلق نعيده ( - الآية، أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام، ألا إنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : يارب أصحابي فيقال : لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح ) كنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم - إلى قوله - شهيد ( فيقال : إن هؤلاء لم يوالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم.
) ثم أعلم أن ذلك أمر لابد منه بالتعبير بالمصدر تأكيداً لما أنكروه وبالغوا في إنكاره فقال :


الصفحة التالية
Icon