صفحة رقم ١٤٩
الذي معناه : اشتد في الخرب، بقوله ) الفقير ( وأكد هذا الحث ونفى عنه الريب بعوده إلى الأسلوب الأول في قوله :( ثم ليقضوا ) أي يقطعوا وينهوا يوم النحر بعد طول الإحرام ) تفثهم ) أي شعثهم بالغسل وقص الأظفار والشارب وحلق العنة ونحو ذلك ) وليوفوا نذورهم ( أخذاً من الفراغ من الأمر والخروج من كل واجب ) وليطوفوا ( فيكون ذلك آخر أعمالهم، وحث على الإكثار منه والاجتهاد فيه بصيغة التفعل، وعلى الإخلاص بالإخفاء بحسب الطاقة بالإدغام، واللام إن كسرت - كما هي قراءة أبي عمرو وانب عامر وورش عن نافع وقنبل غن ابن كثير ورويس عن يعقوب في ) ليقضوا ( وقراءة ابن ذكوان عن ابن عامر وحده في ) ليوفوا وليطوفوا ( يصح أن تكون للعلة عطفاً على ) ليشهدوا ( ويمون عطفها بأداة التراخي لطول المدة على ما هو مفهومها مع الإشارة إلى التعظيم في الرتبة، ويصح أن تكون للأمر كقراؤة الباقين بالإسكان، وقوله :( بالبيت ) أي من ورائه، لعلم الحجر، ومتى نقص عن إكمال الدوران حوله أدنى جزء لم يصح أنه لم يوقع مسمىى الطواف، فلا تعلق بالباء في التبعيض ووصفه بقوله :( العتيق ( إشارة إلى استحقاقه للتعظيم بالقدم والعتق من كل سوء، ثم أشار غلى تعظيم الحج وأفعاله هذه بقوله :( ذلك ) أي المر الجليل العظيم الكبير المنافع دنيا وأخرى ذلك.
ولما كان التقدير : فمن فعله سعد، ومن انتهك شيئاً منه شقي، عطف عليه قوله :( ومن يعظم ( اي بغية جهده ) حرمات الله ( اي ذي الجلال والإكرام كلها من هذا ومن غيره، وهي الأمور التي جعلها له فحث على فعلها أو تركها ) فهو ) أي التعظيم الحامل له على امتثال الأمر فيها على وجهه واجتناب المنهي عنه كالطواف عرياناً والذبح بذكر اسم غير الله ) خير ( كائن ) له عند ربه ( الذي أسدى إليه كل ما هو فيه من النعم فوجب عليه شكره فإن ذلك يدل على تقوى قلبه، لأن تعظيمها من تقوى القلوب، وتعظيمها لجلال الله، وانتهاكها شر عليه عند ربه.
ولما كان التقدير : فقد حرمت عليكم أشياء أن تفعلوها، وأشياء أن تترموها، عطف عليه قوله بياناً أن الإحرام لم يؤثر فيها كما أثر في الصيد :( وأحلت لكم الأنعام ( وهي الإبل والبقر والغنم كلها ) إلا ما يتلى ) أي على سبيل التجديد مستمراً ) عليكم ( تحريمه من الميتة والدم وما أهل لغير الله به، خلافاً للكفار في افترائهم على الله بالتعبد بتحريم الوصيلة والبحيرة والسائبة والحامي وأحلال الميتة والدم.
ولما أفهم ذلك حل السوائب وما معها وتحريم المذبوح لللأنصاب، وكان سبب ذلك كله الأوثان، سبب عنه قوله :( فاجتنبوا ) أي بغاية الجهد اقتداء بالأب الأعظم إبراهيم عليه الصلاة والسلام الذي تقدم الإيصاء له بمثل ذلك عند جعل البيت له مباءة