صفحة رقم ١٦٥
يَوْمَئِذٍ للَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآياتِنَا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُواْ أَوْ مَاتُواْ لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) ٧٣
( ) ٧١
ولما ذكر سبحانه ما حكم به من تمكين الشيطان من هذا الإلقاء، ذكر العلة في ذلك فقال :( ليجعل ما يلقي الشيطان ( اي في المتلو أو المحدث به من تلك الشبه في قلوب أوليائه ) فتنة ) أي اختبار وامتحاناً ) للذين في قلوبهم مرض ( لسفولها عن حد الاعتدال من اللين حتى صارت مائيتة تقبل كل صورة ولا يثبت فيها صورة، وهم أهل النفاق المتلقفون للشبه الملقون لها ) والقاسية قلوبهم ( عن فهم الآيات، وهم من علت قلوبهم عن ذلك الجدال أن صارت حجرية، وهم المصارحون بالعداوة، فهم في ريب من أمرهم وجدال للمؤمنين، قد انتشقت فيها الشبه، فصارت أبعد شيء عن الزوال.
ولما كان التقدير : فإنهم حزب الشيطان، وأعداء لرحمن، عطف عليه قوله.
وإنهم هكذا الأصل، ولكنه أظهر تنبيهاً على وصفهم فقال :( وإن الظالمين ) أي الواضعين لأقوالهم وأفعالهم في غير مواضعها كفعل من هو في الظلام ) لفي شقاق ) أي خلاف بكونهم في شق غير شق حزب الله بمعاجزتهم في الآيات بتلك السبه التي تلقوها من الشيطان، وجادلوا بها أولياء الرحمن ) بعيد ( عن الصواب
٧٧ ( ) ولتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنوا بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون ( ) ٧
[ الأنعام : ١١٣ ] ) وليعلم الذين أتوا العلم ( بإتقان حججه، وإحكام براهينه، وضعف شبه التي المعاجزين، وبني فعله للمجهول نعظيماً لثمرته في حد ذاته لا بالنسبة إلى معط معين ) أنه ) أي الشيء الذي تلوته أو حدثت به ) الحق ( اي الثابت الذي لا يمكن زواله ) من ربك ( اي المحسن إليك بتعليمك إياه، فإن الحق كلما جودل أهله ظهرت حججه، وأسفرت وجوهه، ووضحت براهينه، وغمرت لججه، كما قال تعالى
٧٧ ( ) يضل به كثيراً ويهدي به كثيراً ( ) ٧
[ البقرة : ٢٦ ] ) فيؤمنوا به ( لما ظهر لهم من صحته بما ظهر من ضعف تلك الشبه ) فتخبت ) أي تطمئن وتخضع ) له قلوبهم ( وتسكن به قلوبهم، فإن الله جعل فيها السكينة فجعلها زجاجية صلبة صافية رقيقة بين المائية والحجرية، نافعة بفهم العلم وحفظه والهداية به لمن يقبل عنهم من الضالين كما ينفع الخبث بقبول طائفة أخرى منه من الماء، وإنبات ما يقدره الله من الكلاء وغيره وحفظ طائفة أخرى لطائفة أخرى منه لشرب الحيوان ) وإن الله ( بجلاله وعظمته لهاديهم، ولكنه أظهر تنبيهاً أخرى منه فقال :( لهاد الذين آمنوا ( في جميع ما يلقيه أولياء الشيطان ) لى الصراط المستقيم (


الصفحة التالية
Icon