صفحة رقم ٢٣٢
شرع ذلك إلا رحمة للناس عموماً وللزانين خصوصاً، فمن نقص سوطاً فقد ادعى أنه أرحم منه، ومن زاد سوطاً فقد ظن أنه أحكم وأعظم منه.
ولما ذكر بالإيمان الذي من شرطه التزام الأحكام، وكان الرجاء غالباً على الإنسان، أتبعه ما يرهبه فقال :( واليوم الآخر ( الذي يحاسب فيه على النقير والقطمير والخفي والجلي.
ولما كان الخزي والفضيحة أعظم عند بعض الناس من ضرب السيف فضلاً عن ضرب السوط قال :( وليشهد ( اي يحضر حضوراً تاماً ) عذابهما طائفة ) أي جماعة يمكن إطافتها أي تحلقها وخفوفها بكل منهما ) من المؤمنين ( العريقين إشهاراً لأمرهما نكالاً لهما، وعن نصر بن علقمة أن ذلك ليدعى لهما بالتوبة والرحمة.
وفي كل هذا إشارة ظاهرة إلى أن إقامة الحدود والغلظة فيها من رحمته سبحانه المشار إليها بقوله ) ) وأنت خير الراحمين ( ) [ المؤمنون : ١١٨ ].
النور :( ٣ ) الزاني لا ينكح.....
) الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ( ( )
ولما كان في ذلك من الغلظة على الزاني لما ارتكب من الحرام المتصف بالعار ما يفهم مجانبته، صرح به، مانعاً من نكاح المتصف بالزنى من ذكر وأنثى، إعلاكاً بأن وطء من اتصف به من رجل أو امرأة لا يكون إلا زنى وإن كان بعقد، فقال واصلاً له بما قبله :( الزاني لا ينكح ) أي لا يتزوج ) إلا زانية أو مشركة ( اي المعلوم اتصافه بالزنى مقصور نكاحه على زانية أو مشركة، وذلك محرم، فهذا تنفير للمسلمة عن نكاح المتصف بالزنى حيث سويت بالمشركة إن عاشرته، وذلك يرجع إلى أن من نكحت زانياً فهي زانية أو مشركة، أي فهي مثله أو شر منه، ولو اقتصر على ذلك لم يكن منع من أن ينكح العفيف الزانية، فقال تعالى مانعاً من ذلك :( والزانية لا ينكحها ( اي لا يتزوجها ) إلا زان أو مشرك ( اي والمعلوم اتصافها بالزنى مقصور نكاحها على زان أو مشرك، وذلك محرم فهو تنفير للمسلم أن يتزوج من اتصفت بالزنى حيث سوى في ذلك بالمشرك، وهو يرجع إلى أن من نكح زانية فهو زان أو مشرك، أي فهو مثلها أو شر منها، وأسند النكاح في الموضعين إلى الرجل تنبيهاً إلى أن النساء لا حق لهن في مباشرة العقد ؛ ثم صرح بما أفهمه صدر الاية بقوله مبنياً للمفعول لأن ذلك يكفي المؤمن الذي الخطاب معه :( وحرم ذلك ) أي نكاح الزاني والزانية تحريماً لا مثنوية فيه ) على المؤمنين ( وعلم من هذا أن ذكر المشرك والمشركة لزيادة التنفير، ثم إن هذا الحكم فسخ كما قال إمامنا الشافعي رحمه الله موافقة لابن المسيب بقوله تعالى ) ) وانكحو الأيامى منكم ( ) [ النور : ٣٢ ] وهو جمع أيم وهو من لا زوج له من الذكور والإناث، فأحل للزاني أن ينكح من