صفحة رقم ٢٤٦
اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُواْ أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُواْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ٧٣
( ) ٧١
ولما ختم بالحكم عليهم بالجهل، وكان التقدير كما أرشد إليه ما يأتي من العطف على غير معطوف : فلولا فضل الله عليكم ورحمته بكم لعجل هلاك المحبين لشيوع ذلك بعذاب الدنيا ليكون موصولاً بعذاب الآخرة، عطف عليه قوله مكرراً التذكير بالمنة بترك المعاجلة حاذفاً الجواب، منبهاً بالتكرير والحذف علىقوة المبالغة وشدة التهويل :( ولولا فضل الله ( اي الجائز لجميع الجلال والإكرام ) عليكم ورحمته ( بكم ) وأن ) أي ولو لا أن ) الله ) أي الذي له القدرة التامة فسبقت رحمته غضبه ) رؤوف ( بكم في نصب ما يزيل جهلكم بما يحفظ من سرائركم بإرسال الرسل وإنزال الكتب ونصب الحدود، الزاجرة عن الجهل، الحاملة على التقوى، التي هي ثمرة العلم، فإن الرأفة كما تقدم في الحج وغيرها تقيم المرؤوف به لأنها ألطف الرحمة وأبلغها على أقوم سنن حتى تحفظ بمسراها في سره ظهور ما يستدعي العفو، وتارة يكون هذا الحفظ بالقوة بنصب الأدلة، وتارة يضم إلى ذلك الفعل بخلق الهداية في القلب بما للمرؤوف به من الوصلة بسهولة الانقياد وقوة الاستعداد ) رحيم ( بما يثبت لكم من الدرجات على ما منحكم به من ثمرات ذلك الحفظ من الأعمال المرضية، والجواب محذوف تقديره : لترككم في ظلمات الجهل تعمهون، فثارت بينكم الفتن حتى تفانيكم ووصلتم إلى العذاب الدائم بعد الهم اللازم.
ولما أخبرهم بأنه ما أنزل لهم هذا الشرع على لسان هذا الرسول الرؤوف الرحيم إلا رحمة لهم، بعد أن حذرهم موارد الجهل، نهاهم عن التمادي فيه في سياق معلم أن الداعي إليه الشيطان العدو، فقال ساراً لهم بالإقبال عليهم بالنداء :( يا أيها الذين آمنوا ) أي أقروا بالإيمان ) لا تتبعوا ) أي بجهدكم ) خطوات ) أي طريق ) الشيطان ) أي لا تقتدوا به ولا تسلكوا مسالكه التي يحمل على سلوكها بتزيينها في شيء من الأشياء، وكأنه أشار بصيغة الافتعال إلى العفو عن الهفوات.
ولما كان التقدير : فإنه من يتنكب عن طريقه يأت بالحسنى والمعروف، عطف عليه قوله :( من يتبع ( اي بعزم ثابت من غير أن يكون مخطئاً أو ناسياً ؛ وأظهر ولم يضمر لزيادة التنفير فقال :( خطوات الشيطان ) أي ويقتد به يقع في مهاوي الجهل الناشىء عنها كل شر ) فإنه ) أي الشيطان ) يأمر بالفحشاء ( وهي ما أغرق في القبح