صفحة رقم ٢٥٢
الله عنه : اثنتان، وقال : والرجل يرى الرؤيا، فمنها ما يصدق ومنها ما يكذب ؟ قال : نعم سمعت رسول الله ( ﷺ ) يقول :( ما من عبد أو أمة ينام فيستثقل نوماً إلا عرج بروحه إلى العرش، فالتي لا تستيقظ إلا عند العرش فتلك الرؤيا التي تصدق، والتي تستيقظ دون العرش فتلك الرؤيا التي تكذب ) فقال عمر رضي الله عنه : ثلاث كنت في طلبهن فالحمد لله الذي أصبتهن قبل الموت وكذا أخرج الطبراني حديث سلمان كحديث أبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين، وأنشدوا لأبي نواس في المعنى :
إن القلوب لأجناد مجندة لله في الأرض بالأهواء تعترف
فما تعارف منها فهو مؤتلف وما تناكر منها فهو مختلف ولما ثبت هذا كانت نتيجته قطعاً :( أولئك ) أي العالو الأوصاف بالطهارة والطيب ) مبرؤون ( ببراءة الله وبراءة كل من له تأمل في مثل هذا الدليل ) مما يقولون ) أي القذفة الأخابث لأنها لا تكون زوجة أطيب الطيبين إلا وهي كذلك.
ولما أثبت لهم البراءة، استأنف الإخبار بجزائهم فقال :( لهم مغفرة ( اي لما قصروا فيه إن قصروا، ولما كان في معرض الحث على الإنفاق على بعض الآفكين قال :( ورزق كريم ( اي يحيون به حياة طيبة، ويحسنون له إلى من أساء إليهم، ولا ينقصه ذلك لكرمه في نفسه بسعته وطيبه وغير ذلك من خلال الكرم.
ولما أنهىى سبحانه الأمر في براءة عائشة رضي الله عنها على هذا الوجه الذي كساها به من الشرف ما كساها، وحلاها برونقه من مزايا الفضل ما حلاها، وكأن أهل الإفك قد فتحوا بإفكهم هذا الباب الظنون الشيئة عدواة من إبليس لأهل هذا الدين بعد أن كانوا في ذلك وفي كثير من سجاياهم - إذ قانعاً منهم بداء الشرك - على الفطرة الأولى، امر تعالى رداً لما أثار بواسواسه من الداء بالتنزه عن مواقع التهم والتلبس بما يحسم الفساد فقال :( يا أيها الذين آمنوا ( أيألزموا أنفسهم هذا الدين ) لا تدخلوا ) أي واحد منكم، ولعاه خاطب الجمع لأنهم في مظنة أن يطرودوا الشيطان يتزين بعضهم بحضرة بعض بلباس التقوى، فمن خان منهم منعه إخوانه، فلم يتكمن منه شيطانه، فنهي الواحد من باب الأولى ) بيوتاً غير بيوتكم ) أي التي هي سكنكم ) حتى تستأنسوا ) أي تطلبوا بالاستئذان أن يأنس بكم من فيها وتأنسوا به، فلو قيل له : من ؟ فقال : أنا لم يحصل الاستئناس لعدم معرفته، بل الذي عليه أن يقول : أنا فلان - يسمى نفسه بما يعرف به ليؤنس به فيؤذن له أو ينفرنمنه فيرد ) وتسلموا على أهلها ) أي الذين هم سكانها ولو بالعارية منكم فتقولوا : السلام عليكم أأدخل ؟ أو تطرقوا الباب إن كان قد لا يسمع الاستئذان ليؤذن لكم ) ذلكم ( الأمر العالي الذي أمرتكم به ) خير لكم (


الصفحة التالية
Icon