صفحة رقم ٢٦٢
بعدم وجدان المهر وما يطلب منه تقديمه، أو بعدم رضى العبد وغيره يكون ولده رقيقاً أو غير ذلك، أتبعه قوله حاثاً على قمع النفس الأمارة عند العجز :( وليستعفف ( اي يبالغ في طلب العفة وإيجادها عن الحرام ) الذين لا يجدون نكاحاً ) أي قدرة عليه وباعثاً إليه ) حتى يغنيهم الله ) أي الذي له الإحاجة بجميع صفات الكمال ) من فضله ( في ذلك الذي تعذر عليهم النكاح بسببه.
ولما كان من جملة الموانع كما تقدم خوف الرق على الولد لمن له من الرقيق همة علية، ونفس أبية، أتبعه قوله :( والذين يبتغون ) أي يطلبون طلباً عازماً ) الكتاب ) أي المكاتبة ) مما ملكت أيمانكم ( ذكراً كان أو أنثى ؛ وعبر ب ( ما ) إشارة إلى ما في الرقيق من نقص ) فكاتبوهم ) أي ندباً لأنه معاوضة تتضمن الإرفاق على ما يؤدونه إليكم منجماً، فإذا أدوه عتقوا ) إن علمتم فيهم خيراً ) أي تصرفاً صالحاً في دينهم ودنياهم لئلا يفسد حالهم بعد الاستقلال بأنفسهم ؛ قال ابن كثير : وروى أبو داود في كتاب المراسيل عن يحيى ابن كثير قال : قال رسول الله ( ﷺ ) :( إن علمتم فيهم حرفة ولا ترسلوهم كلاًّ على الناس ) انتهى.
ولعله عبر بالعلم في موضع الظن لذلك ) وءاتوهم ( وجوباً إذا أدوا إليكم ) من مال الله ) أي لاذي عم كل شيء بنعمته، لأنه الملك العظم ) الذي آتاكم ( ولو بحط شيء من مال الكتابة.
ولما أمر سبحانه بالجود في أمر الرقيق تارة بالنفس، وتارة بالمال، نهاهم عما ينافيه فقال :( ولا تكرهوا فتياتكم ) أي إماءكم، ولعله عبر بلفظ الفتوة هزاً لهم إلى معالي الأخلاق، وتخجيلاً من طلب الفتوة من امة ) على البغاء ) أي الزنى لتأخذوا منهن مما يأخذنه من ذلك.
ولما كان الإكراه على الزنى لا يصح إلا عند العفة، وكان ذلك نادراً من أمة، قال :( إن ( بأداة الشك ) أردن تحصناً ( وفي ذلك زيادة تقبيح للإكراه على هذا الفعل حيث كانت النساء مطلقاً يتعففن مع أنهن مجبولات على حبه، فكيف غذا لم يمنعهن مانع خوف أو حياء كالإماء، فكيف إذا أذن لهن فيه.
فكيف إذا ألجئن إليهن وأشار بصيغة التفعل وذكر الإرادة إلى أن ذلك لا يكون إلا عن عفة بالغة، زاد في تصوير التقبيح بذكر علة التزام هذا العار في قوله :( اتبتغوا ( اي تطلبوا طلباً حثيثاً فيه رغبة قوية بإكراههن على الفعل الفاحش ) عرض الحياة الدنيا ( فإن العرض متحقق فيه الزوال، والدنيا مشتقة من الدناءة.


الصفحة التالية
Icon