صفحة رقم ٢٦٧
أعادها بعد ذكرها بالتسبيح تصريحاً بها تأكيداً لها وحثاً على حفظ وقتها لأنه من جملة مقوماتها وكذا جميع حدودها ولو بأوجز ما يكون من أدنى الكمال - بما أشار إليه حرف التاء إشعاراً بأن هذا المدح لا يتوقف على أنهى الكمال ) و ( لا عن ) إيتاء الزكاة ( التي هي زكاة الأشباح ونماؤها، وخص الرجال مع أن حضور النساء المساجد سنة شهيرة، إشارة إلى أن صلاتهن في بيوتهن أفضل لما روى أبو داود في سننه وابن خزيمة في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله ( ﷺ ) قال :( صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها ) والمخدع : الخزانة.
وللإمام أحمد والطبراني وابن خزيمة والحاكم عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي ( ﷺ ) قال :( خير مساجد النساء قعر بيوتهن ) ولأحمد وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما عن أم حميدة امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما أنها قالت : يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، قال :( قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي )، قال : فأمرت فبنى لها مسجد في أقصى بيت من بيتها وأظلمه، فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل.
ولما وصف الرجال المذكورين ما وصفهم به، ذكر علة فعلهم لذلك زيادة في مدحهم فقال :( يخافون يوماً ( وهو يوم القيامة، هو بحيث ) تتقلب فيه ) أي لشدة هوله، تقلباً ظاهراً - بما اشار إليه إثبات التاءين ) القلوب والأبصار ) أي بين طمع في النجاة، وحذر من الهلاك، ويمكن أن يقال : المشتكي - والله أعلم - هي المساجد، والزجاج هي الرجال، والمصابيح هي القلوب، وتلألؤها ما تشتمل عليه من المعاني الحاملة على الذكر، والشجرة الموصوفة هي مثال الأبدان، التي صفاها الله من الأدران، وطبعها على الاستقامة، والزيت مثال لما وضع سبحانه فيها من جميل الأسرار، وقد ورد في بعض الأخبار أن المساجد لأهل السماوات كالنجوم لأهل الأرض، وفي معجم


الصفحة التالية
Icon