صفحة رقم ٢٧٣
رقيقاً متفرقاً، قال أبو حيان : وهو اسم جنس واحدة سحابة، والمعنى : يسق سحابة إلى سحابة.
وهو معنى ) ثم يؤلف بينه ) أي بين أجزائه بعد أن كانت قطعاً في جهات مختلفة ) ثم يجعله ركاماً ( في غاية العظمة متاكباً بعضه على بعض بعد أن كان في غاية الرقة ) فترى ) أي في تلك الحالة المستمرة ) الودق ) أي المطر، قال القزاز : وقيل : هو احتفال المطر.
) يخرج من خلاله ) أي فتوقه التي حدثت بالتراكم وانعصار بعضه من بعض ) وينزل من السماء ) أي من جهتها مبتدئاً من ) من جبال فيها ) أي في السما، وهي السحاب الذي صار بعد تراكمه كالجبال ؛ وبعض فقال :( من برد ( هو ماء منعقد ؛ وبين أن ذلك بإرداته واختياره بقوله :( فيصيب به ) أي لابرد والمطر على وجه النقمة أو الرحمة ) من يشاء ( من الناس وغيرهم ) ويصرفه عمن يشاء ( صرفه عنه ؛ ثم نببه على ما هو غاية في العجب في ذلك مما في الماء من النار التي ربما نزلت منها صاعقة فأحرقت ما لا تحرق النار فقال :( يكاد سنا ) أي ضوء ) برقه ( وهو اضطراب النور في خلاله ) يذهب ) أي هو، ملتبساً ) بالأبصار ( لشدة لمعه وتلألئه، فتكون قوة البرق دليلاً على تكاثف السحاب وبشيراً بقوة المطر، ونذيراً بنزول الصواعق ؛ ثم ذكر ما هو أدل على الاختيار، فقال مترجماً لما مضى بزيادة :( يقلب الله ) أي الذي له الأمر كلهه بتحويل الظلام ضياء والضياء ظلاماً، والنقص تارة والزيادة أخرى، مع المطر تارة والصحو أخرى ) الليل والنهار ( فينشأ عن ذلك التقليب من الحر والبرد والنمو والينوع واليبس ما يبهر العقول ؛ ولهذا قال منبهاً على النتيجة :( إن في ذلك ) أي الأمر العظيم الذي ذكر من جميع ما تقدم ) لعبرة لأولي الأبصار ) أي النافذة، والقلوب الناقدة، يعبرون منها إلى معرفة ما لمدبر ذلك من القدرة التامة والعلم الشامل الدال قطعاً على الوحدانية.
النور :( ٤٥ - ٥١ ) والله خلق كل.....
) وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَآءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَّقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ وَيِقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مِّن بَعْدِ ذلِكَ وَمَآ أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَإِذَا دُعُواْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُواْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُواْ أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُواْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ( ( )
ولما ذكر أولاً أحوال الخافقين دليلاً على وحدانيته، وفصل منها الآثار العلوية،