صفحة رقم ٢٧٩
الدخول في الإسلام، فتكون مفسدة فتلهم أعظم من مفسدة إبقائهم، لأن الدين لم يكن حينئذ تمكن تمكناً لا يؤثر فيه مثل ذلك، تشوفت النفوس إلى أن هذا الحال هل يستمر ؟ فجلى عنهما هذا الكرب بقوله : بياناً لأن تمكن الدين غير مفتقر إليهم سواء أقبلوا أو أدبروا :( وعد الله ) أي الذي له الإحاطة بكل شيء ) الذين آمنوا ( وهو مع ذلك كالتعليل لما قبله ترغيباً لمن نظر في الدنيا نوع نظر ؛ وقيد بقوله :( منكم ( تصريحاً بأهل القرن الأول، ليكون ظاهراً فس إخراج المنافقين المتولين بالإعراض، إشارة إلى أنهم لا يزالون في ذل وضعة ؛ وقدم هذا القيد اهتماماً به لما ذكر بخلاف ما يأتي في سورة الفتح ) وعملوا ( تصديقاً لإيمانهم ) الصالحات ( من الإذعان للأحكام وغيرها، وأكد غاية التأكيد بلام القسم، لما عند أكثر الناس من الريب في ذلك فقال :( ليستخلفنهم في الأرض ) أي أرض العرب والعجم، بأن يمد زمانهم، وينفذ أحكامهم ) كما استخلف ) أي طلب وأوجد خلافة بإيجادهم ) الذين من قبلهم ) أي من الأمم من بني إسرائيل وغيرهم من كل من حصلت له مكنة، وظفر على الأعداء بعد الضعف الشديد كما كتب في الزبور ) إن الأرض يرثها عبادي الصالحون ( وكما قال موسى عليه السلام :( إن الأرض يروثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ( ) وليمكنن لهم ( اي في الباطن والظاهر ) دينهم ( أضافة إليهم إشارة إلى رسوخ أقدامهم فيه وأنه ابديّ لا ينسخ ) الذي ارتضى لهم ( حتى يقيموا الحدود فيه من قتل وغيره على الشريف والوضيع سواء كان الواقعون في ذلك عصبة أم لا، لا يراعون أحداص، ولا يخافون لومة لأئم، لأنه لا يضره إذ ذاك إدباراً مدبر كما قال ( ﷺ ) عن الحرورية كافة ( إنه إن أدركهم ليقتلنهم قتل عاد، بعد أن كف عن قتل رأسهم ونهى عن قتله - وهو واحد في غزوة حنين ) ولما بشرهم بالتمكين، أشار لهم إلى مقداره بقوله :( وليبدلنهم ( وأشار غلى عدم استغراق هذا المن العام لجميع الزمان بإثبات الجارّ فقال :( من بعد خوفهم ( هذا الذي هم فيه الآن ) أمناً ) أي عظيماً بمقدار هذا الخوف، في زمن النبوة وخلافتها ؛ ثم أتبع ذلك نتيجة بقوله تعليلاً للتمكين وما معه :( يعبدونني ( اي وحدي ؛ وصرح بالمراد بياناً لحال العابدة النافعة بقوله :( لا يشركون بي شيئاً ( ظاهراً ولا باطناً، لأن زانهم يكون زمن عدل، فلا يتحابون فيه بالرغبة والرهبة، روى الطبراني في الوسط عن أبيّ بن