صفحة رقم ٣٤٧
وفي القفا، وذلك أقصى حد الذابح، وهو غير النخاع يتثليث النون فإن الخيط الأبيض في جوف الفقار ) أن ( اي لأجل أن ) لا يكونوا ) أي كوناً كأنه جبلة لهم ) مؤمنين ) أي راسخين في الإيمان، فكان كأنه قيل : هذا الكتاب في غاية البيان في نفسه والإبانة للغير، وقد تقدم في غير موضع أنه ليس عليك إلا البلاغ، أخاف وتشفق على نفسك من الهلاك عمّاً تأسفاً على عدم إيمانهم والحال أنا لو شئنا لهديناهم طوعاً أو كرهاً، والظاهر أن جملة الإشفاق في موضع حال من اسم الإشارة كما أن آية التي بعدها في موضع الحال منها، اي نحن نشير إلى الآيات المبينة لمرادنا فيهم والحال أنك - لمزيد حرصك على نفعهم - بحال يشفق فيهاا عليك من لا يعلم الغيب منأن تقتل نفسك غمّاً لإبائهم الإيمان والحال أنا لو شئنا اتيناهم بما يقهرهم ويذلهم للإيمان وغيره.
ولا كان المحب ميالاً إلى ما يريد حبيبه، أعلمهم أن كل ما هم فيه بإرادته فقال :( إن نشأ ( وعبر بالمضارع فيه وفي قوله :( ننزل ( إعلاماً بدوام القدرة.
ولما كان ذلك الإنزال من باب القسر، والجبروت والقهر، قال :( عليهم ( وقال محققاً للمراد :( من السمآء ( آي التي جعلنا فيها بروجاً للمنافع، اشار إلى تمام القدرة بتوحيدها فقال :( آية ) أي قاهرة كما فعلنا ببعض من قبلهم بنتق الجبل ونحوه ؛ وأشار إلى تحقق أثرها بالتعبير بالماضي في قوله عطفاً على ) ننزل ( لأنه في معنى ) أنزلنا ( :( فظلت ) أي عقب الإنزال من غير مهلة ) أعناقهم ( التي هي موضع الصلابة، وعنها تنشأ حركات الكبر وألإعراض ) لها ) أي للآية دائماً، ولكنه عبر بما يفهم النهار لأنه موضع القوة على جميع ما يراد من التقلب والحيل والمدافعة ) خاضعين ( جمعه كذلك لأن الفعل لأهلها ليدل على أن ذلهم لها يكون مع كونهم جميعاً، ولا يغني جمعهم وإن زاد شيئاً، والأصل : فظلوا، ولكنه ذكر الأعناق لأنها موضع الخضوع يكون بالطبع من غير صلابتها، وانكسارها بعد شماختها، وللإشارة إلى أن الخضوع يكون بالطبع من غير تأمل لما أبهتهم وحيرهم من عظمة الآية، فكأن الفعل االأعناق لا لهم ؛ والخضوع : التطامن والسكون واللين ذلاً وانكساراً ) وما ( اي هذه صفتنا والحال أنه ما ) يأتيهم ) أي الكفار ) من ذكر ( اي شيء من الوعظ والتذكير والتشريع يذكروننا به، فيكون سبب ذكرهم وشرفهم ) من الرحمن ) أي الذي أنكروه مع إحاطة نعمه بهم ) محدث ) أي بالنسبة إلى تنزيله وعلمهم به ؛ وأشار إلى دوام كبرهم بقوله :( إلا كانوا ) أي كوناً هو كالخلق لهم ؛ وأشار بتقديم الجار والمؤذن بالتخصيص غلى ما لهم من سعة الفكار وقوة الهمم لكل ما يتوجهون إليه، وإلى أن لإعراضهم عنه من القوة ما يعد الإعراض معه عن غيره عدماً فقال :( عنه ) أي خاصة ) معرضين ( اي إعراضنا هو صفة لهم لازمة.