صفحة رقم ٣٧٨
الفج بين الجبلينن وقيل : السبيل سلك أم لم يسلك.
وأصله في اللغة الزيادة ) آية ) أي علامة على شدتكم لأنه لو كان لهداية أو نحوها لكفى بعض الأرياع دون كلها.
ولما كان إقامة الدليل على قوتهم بمثل ذلك قليل الجدوى عند التأمل، قال :( تعبثون ( والعاقل ينبغي له أن يصون أوقاته النفيسة عن العبث الذي لا يكون سبب نجاتهن وكيف يليق ذلك بمن الموت من ورائه.
ولما كان من يموت لا ينبغي له إنكار الموت بفعل ولا قول قال :( وتتخذون مصانع ) أي أشياء بأخذ الماء، أو قصوراً مشيدة وحصوناً تصنعونها، هي في إحكامها بحيث تأكل الدهر قوة وثباتاً، فلا يبنيها إلا من حاله حال الراجي للخلود، ولذلك قال :( لعلكم تخلدون ( وهو معنى ما في البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما من تفسيرها بكأنكم.
الشعراء :( ١٣٠ - ١٤٣ ) وإذا بطشتم بطشتم.....
) وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَاتَّقُواْ الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قَالُواْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ الْوَاعِظِينَ إِنْ هَذَا إِلاَّ خُلُقُ الأَوَّلِينَ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( ( )
ولما بين أن عملهم عمل من لا يخاف الموت، أتبعه ما يدل على أنهم لا يظنون الجزاء فقال :( وإذا بطشتم ) أي بأحد، أخذتموه أخذ سطوة في عقوبة ) بطشتم جبارين ) أي غير مبالين بشيء من قتل أو غيره ؛ قال البغوي : والجبار الذي يضرب ويقتل على الغضب.
ولما خوفهم لهذا الإنكار عقاب الجبار، تسبب عنه أن قال :( فاتقوا الله ) أي الذي له جميع صفات الجلال والإكرام ) وأطيعون (.
ولما كان ادكار الإحسان موجباً للإذعان، قال مرغباً في الزيادة ومرهباً من الحرمانك ) واتقوا الذي أمدكم ( اي جعل لكم مدداً، وهو إتباع الشيء بما يقويه على الانتظام ) بما تعلمون ( اي ليس فيه نوع خفاء حتى تعذروا في الغفلة عن تقييده بالشكر.