صفحة رقم ٣٧٩
ولما أجمل، فصل ليكون أكمل، فقال :( أمدكم بأنعام ) أي تعينكم على الأعمال وتأكلون منها وتبيعون.
ولما قدم ما يقيم الأود، أتبعه قوله :( وبنين ) أي يعينونكم على ما تريدون عند العجز.
ثم أتبعه ما يحصل كمال العيش فقال :( وجنات ( اي بساتين ملتفة الشجار بحيث تستر داخلها، وأشار إلى دوام الريّ بقوله :( وعيون (.
ولما كانوا في إعراضهم كأنهم يقولون : ما الذي تبقيه منه ؟ قال :( إني أخاف عليكم ) أي لأنكم قومي يسوءني ما يسوءكم - إن تماديتم على المعصية ) عذاب يوم عظيم ( وتعظيم اليوم أبلغ من تعظيم العذاب ) قالوا ( راضين بما عندهم من داء الإعجاب، الموقع في كل ما عاب، ) سواء علينا أوعظت ) أي خوفت وحذرت وكنت علامة زمانك في ذلك بأن تقول منه ما لم يقدر أحد على مثله، دل على ذلك قوله :( أم لم تكن من الواعظين ( اي متأهلاً لشيء نم رتبة الراسخين في الوعظ، معدوداً في عدادهم، مذكوراً فيما بينهم، فهو أبلغ من ( أم لم تعظ ) أو ( تكن تعظ، والوعظ - كما قال البغوي : كلام يلين القلب بذكر الوعد والوعيد.
والمعنى أن الأمر مستو في الحالتين في أنا لا نطيعك في شيء ؛ ثم عللوا ذلك بقولهم :( إن ) أي ما ) هذا ( اي الذي جئتنا به ) إلا خلق ( بفتح الخاء وإسكان اللام في قراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي ) الأولين ) أي كذبهم، أو ما هذا الذي نحن فيه غلا عادة الأولين في حياة ناس وموت آخرين، وعافية قوم وبلاء آخرين، وعليه تدل قراءة الباقين بضم الخاء واللام ) وما نحن بمعذبين ( لأنا أهل قوة وشجاعة ونجدة وبراعة.
ةلما تضمن هذا التكذيب، سبب عنه قوله :( فكذبوه ( ثم سبب عنه قوله :( فأخلكناهم ( اي بالريح بما لنا من العظمة التب لا تذكر عندها عظمتهم، والقوة التي بها كانت قوتهم ) إن في ذلك ) أي الإهلاك في كل قرن للعاصين والإنجاء للطائعين ) لآية ) أي عظيمة لمن بعدهم على أنه سبحانه فاعل ذلك وحده بسبب أنه يحق الحق ويبطل الباطل، وأنه مع أوليائه ومن كان معه لا يذل وعلى أعدائه ومن كان عليه لا يعز ) وما كان أكثرهم ) أي أكثر من كان بعدهم ) مؤمنين ( فلا تحزن أنت على من أعرض عن الإيمان ) وإن ربك ) أي المحسن إليك بإرسالك وغيره من النعم ) لهو العزيز ( في اتقامه ) الرحيم ( في إنعامه وإكرامه وإحسانه، مع عصيانه وكفرانه، وإرسال المنذرين وتأييدهم بالآيات المعجزة لبيان الطريق الأقوم، والمنهج الأسلم، فلا يهلك غلا بعد الإعذار بأبلغ الإنذار ؛ ثم ذل على ذلك لمن قد ينسى غذ كان الإنسان مجبولاً على النسيان بقوله :( كذبت ثمود ( وهو أهل الحجر ) المرسلين ( وأشار