صفحة رقم ٣٨٣
ولما كان في الناقة وفي حلول المخايل كما تقدم أعظم دليل على صدق الرسول الداعي إلى الله قال :( إن ف ذلك لآية ( اي دلالة عظيمة على صحة ما أمروا به عن الله، ) وما ) أي والحال أنه مع ذلك ما ) كان أكثرهم مؤمنين (.
ولما كان ربما توهم أنه سبحانه غير متصف بالعزة لعدم قسرهم على الإيمان، أو بالرحمة لإهلاكهم، قال :( وإن ربك لهو العزيز ( اي فلا يخرج شيء من قبضته وإرادته، وهو الذي أراد لهم الكفر ) الرحيم ( في كونه لم يهلك أحداً حتى ارسل إليهم رسولاً فبين لهم ما يرضاه سبحانه وما يسخطه، وابلغ في إنذارهم حتى اقام الحجة من علم منه الخير لما يرضيه، فيتسبب عن ذلك سعادتهن وفي تكريره سبحانه هذه الآية آخر كل قصة على وجه التأكيد وإتباعها ما دلت عليه من كفر من أتى بعد أصحابها.
من غير اتعاظ بحالهم، ولا نكوب عن مثل ضلالهم، خوفاً من نظير نالكهم، أعظم تسلية لهذا النبي الكريم، وتخويف لكل عليم حليم، واستعطاف لكل ذي قلب سيلم، ولذلك قال واصلاً بالقصة :( كذبت ( اي دأب نمتقدم كأنهم تواصوا به ) قوم لوط المرسلين ( لأن من كذب رسولاً - كما مضى - فقد كذب الكل، لتساوي المعجزات في الدلالة على الصدق.
وقد صرحت هذه الآية بكفرهم بالتكذيب.
وبين إسراعهم في الضلال بقوله :( إذ ( اي حين ) قال لهم أخوهم ( اي في السكنى في البلد لا في النسب لأنه ابن أخي إبراهيم عليه السلام، وهما من بلاد الشرق من بلاد بابل - وكأنه عبر بالأخوة لاختياره لمجاورتهم، ومناسيتهم بمصاهرتهم، وإقامته بينهم في مدينتهم مدة مديدة، وسنين عديدة، وإتيانه بالأولاد من نسائهم، مع موافقته لهم في أنه قروي، ثم بينه بقوله :( لوط ألا تتقون ( اي تخافون الله فتجعلوا بينكم وبين سخطه وقاية.
ولا كان مضمون هذا الدعاء لهم والإنكار عليهم في عدم التقوى علل ذلك بقوله :( إني لكم ( اي خاصة ) رسول أمين ) أي لا سيء من غش ولا خيانة عندي، ولذلك سبب عنه قوله :( فاتقوا الله ( اي لقدرته على إهلاك من يريد وتعاليه في عظمته ) وأطيعون ( اي لأن طاعتي سبب نجاتكم، لأني لا آمركم إلا بما يرتضيه.
ولا أنهاكم إلا عما يغضبه.
الشعراء :( ١٦٤ - ١٧١ ) وما أسألكم عليه.....
) وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ قَالُواْ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يلُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِّنَ الْقَالِينَ رَبِّ نَّجِنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغَابِرِينَ ( ( )