صفحة رقم ٣٩٢
أن يقضي إليك وحيه وقل رب زدني علم ( ) ٧
[ طه : ١١٤ ]
٧٧ ( ) لا تحرك به لسانك لتعجل به ( ) ٧
[ القيامة : ١٦ ].
ولما كان السياق في هذه السورة للتحذير، قال معللاً للجملة التي قبله :( لتكون من المنذرين ) أي المحذرين لمن أعرض عن الإيمان، وفعل ما نهى عنه من العصيان.
ولما كان القد من السورة التسلية عن عدم إيمانهم بأنه لسفول شأنهم، لا لخلل في بيانة، ولا لنقص في شأنه، قال تعالى موضحاً لتمكنه من قبله :( بلسان عربي (.
ولما كان في العربي ما هو حوشي لفظاً أو تركيباً، مشكل على كثير من العرب، قال :( مبين ) أي بين في نفسه كاشف لما يراد منه غير تارك لبساً عند من تدبره حق تدبره على ما يتارفه العرب في مخاطبتها، من سائر لغاتها، بحقائقها ومجازاتها على اتساع إراداتها، وتباعد مراميها في محاوراتها، وحسن مقاصدها في كناياتها واستعارتها، ومن يحيط بذلك حق الإحاطة غير العليم الحكيم الخبير البصير، وإنما كانت عربيته وإبانته موضحة لسبقه قلبه، لأن من تكلم بلغته - فكيف بالبين منها - تسبق المعاني الألفاظ إلى قلبه، فلو كان أعجمياً لكان نازلاً على السمع، لأنه يسمع أجراس روف لا يفهم معانيها ؛ قال الكشاف : وقد يكون الرجل عارفاً بعدة لغات، فإذا كلم بلغته التي لقنها أولاً ونشأ عليها وتطبع بها لم يكن قلبه إلا إلى المعاني، ولا يكاد يفطن للألفاظ، وإن كلم بغيرها وإن كان ماهراً فيها كان نظره أولاً في ألفاظها ثم في معانيها - انتى.
ففيه تقريع عظيم لمن يعرف لسان العرب ولا يؤمن به.
ولما كان الاستكثار من الأدلة مما يسكن النفوس، وتطمئن به القلوب، قال تعالى :( وإنه ( اي هذا القرآن أصوله وكثير من قصصه وأمهات فروعه ) لفي زبر ) أي كتب ) الأولين ( المضبوطة الظاهرة في كونها أتت من السماء إلى أهلها الذين سكنت النفوس إلى أنه أتتهم رسل، وشرعت لهم شرائع نزلت عليهم بها كتب من غير أن يخالط هذا الذي جاء به أحداً منهم أو من غيرهم في علم ما، وكان ذلك دليلاً قاطعاً على أنه ما أتاه به إلا الله تعالى.
ولما كان التقدير : ألم يكن لهم أمارة على صدق ذلك أن يطلبوا تلك الزبر فينظروا فيذقوا ذلك منها ليضلوا إلى حق اليقين ؟ عطف عليه قوله :( أولم يكن لهم (.
ولما كان هذا الأسلوب الاستدلال، اقتضى تقديم الخبر على الاسم في قراءة الجمهور بالتذكير والنصب، فقال بعد تقديم لما اقتضاه من الحال :( آية ) أي علامة