صفحة رقم ٤٠٨
بما يقتتضي الاختصاص، لا للاختصاص بل للدلالة على غاية الرسوخ في الإيمان به، فقال :( بالاخرة هم ) أي المختصون بأنهم ) يوقنون ) أي يوجدون الإيقان حق الإيجاد ويجددونه في كل حين بما يوجد منهم من الإقدام على الطاعة، والإحجام عن المعصية.
ولما أفهم التخصيص أن ثم من يكذب بها وكان أمرها مركوزاً في الطباع، لما عليها من الأدلة الباهرة في العقل والسماع، تشوفت نفس السامع على سبيل التعجب إلى حالهم، فقال مجيباً له مؤكداً تعجيباً ممن ينكر ذلك :( إن الذين لا يؤمنون ) أي يوجدون الإيمان ويجددونه ) بالآخرة زينا ) أي بعظمتنا التي لا يمكن دفاعها ) لهم أعمالهم ) أي القبيحة، حتى أعرضوا عن الخوف من عاقبتها مع ظهور قباحتها، والإسناد إليه سبحانه حقيقي عند أهل السنة لأنه الموجد الحقيقي، وإلى الشيطان مجاز سببي ) فهم ) أي فتسبب عن ذلك أنهم ) يعمهون ) أي يخطبون خبط نم لا بصيرة له اصلاً ويترددون في أودية الضلال، ويتمادون في ذلك، فهم كل لحظة في خبط جديد، بعمل غير سديد ولا سعيدن فإن العمه التحير والتردد كما هو حال الضال.
النمل :( ٥ - ١٠ ) أولئك الذين لهم.....
) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ إِذْ قَالَ مُوسَى لأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلِونَ فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يمُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يمُوسَى لاَ تَخَفْ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ( ( )
ولما خص المؤمنين بما علم منه أن لهم حسن الثواب، وأنهم في الآخرة هم الفائزون، ذكر ما يختص به هؤلاء من ضد ذلك فقال :( أولئك ( اي البعداء البغضاء ) الذين لهم ) أي خاصة ) سوء العذاب ( في الدارين : في الدنيا بالأسر والقتل والخوف ) وهم في الآخرة هم ( المختصون بأنهم ) الأخسرون ( اي أشد الناس خشارة لأنهم خسروا ما لا خسارة مثله، وهو أنفسهم التي لا يمكنهم إخلافها.
ولما وصف القرآن من الجمع والفرقان، بما اقتضى بيان أهل الفوز والخسران، وكان حاصل حال الكفرة أنهم يتلقون كفرهم الذي هو في غاية السفه إنا عن الشياطين الذين هم في غاية الشر، وإما عن آبائهم الذين هم في غاية الجهلن وصف النبي ( ﷺ ) بضد حالهم، فذكر جلالة المنزل عليه والمنزل ليكون أدعى إلى قبوله.
فقال عاطفاً على ) إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ( :( وإنك ( اي وأنت اشرف الخلق وأعلمهم وأحلمهم


الصفحة التالية
Icon