صفحة رقم ٤٤٤
النمل :( ٦٥ - ٦٨ ) قل لا يعلم.....
) قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاواتِ والأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً وَآبَآؤُنَآ أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ( ( )
ولما كانت مضمونات هذه البراهين متوقفة على علم الغيب، لأنه لا يخرج الخبء باختراع الخلق وكشف الضر وإحكام التدبير إلا به، لأنه لا قدرة أصلاً لمن لا علم له ولا تمام لقدره من لا تمام لعلمه - كما مضى بيانه في طه، وكالبهم سبحانه آخر هذه البراهين بالبرهان على الشرك، وكانوا ربما قالوا : سنأتي به، امر أن يعلموا أنه لا برهان لهم عليه، بل البرهان قائم علىخلافه، فقال :( قل ) أي لهم أو لكل من يدعي دعواهم :( لا يعلم ( أحد، ولكنه عبر بأداة العقلاء فقال :( من ( لئلا يخصها متعنت بما لا يعقل، عبر بالظرف تنبيهاً على أن المظروف محجوب، وكل ظرف حاجب لمظروفه عن علم ما وراءه، فقال :( في السماوات والأرض الغيب ) أي الكامل في الغيبة، وهو الذي لم يخرج إلى عالم الشهادة اصلاً، ولا دلت عليه أمارة، ليقدر على شيء مما تقدم في هذه الآيات من الأمور فيعلمه.
ولما كان الله تعالى منزهاً عن أن يحويه مكان.
جعل الاستثناء هنا منقطعاً، ومن حق المنقطع النصب كما قرأ به ابن أبي عبلة شاذاً، لكنه رفع بإجماع العشرة بدلاً على لغة بني تميم، فقيل :( إلا الله ) أي المختص بصفات الكمال كما قيل في الشعر :
وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس
بمعنى : إن كانت البعافير أنيساَ ففيها أنيس، بتا للقول بخلوها من الأنيس، فيكون معنى الآية : إن كان الله جل وعلا ممن في السماوات والأرض ففيهم من يعلم الغيب، يعني إن علم أحدهم الغيب في استحالته كاستحالة أن يكون الله منهم، ويصح كونه متصلاً، والظرفية في حقه سبحانه مجاز بالنسبة إلى علمه وإن كان فيه جمع بين الحقيقة والمجاز، وعلى هذا فيرتفع على البدل أو الصفة، والرفع افصح من النصب، لأنه من منفي، وقد عرف بهذا سر كونه لم يقل ( لا يعلم أحد الغب إلا هو ) وهوالتنبيه على المظروفية والحاجة، وأن الظرف حجاب، لا يرتاب فيه مرتاب، وجعل ابن مالك متعلق الظرف خاصاً تقديره : يذكر، وجعل غيره ( من ) مفعولاً والغيب بدل اشتمال، والاستثناء مفرغاً، فالتقدير : لا يعلم غيب المذكورين - اي ما غاب عنهم - كلهم غيره.
ولما كان الخبر - الذي لم يطلع عليه أحد من الناس - قد يخبر به الكهان، أو أحد