صفحة رقم ٤٤٨
ولما أشار إلى أنهم لم يبقوا في المبالغة في التكذيب بالساعة وجهاً، أشار إلى أنهم بالوعيد بالساعة وغيرها من عذاب الله أشد مبالغة، فقالك ) ويقولون ( بالمضارع المؤذن بالتجدد كل حين للاستمرار :( متى هذا الوعد ( وسمه وعداً إظهاراً للمحبة تهكماً به، وهو العذاب والبعث والمجازاة ) إن كنتم ) أي أنت ومن تابعك، كوناً هو في غاية الرسوخ، كما تزعمون ) صادقين ( فأجابهم على هذا الجواب الغ بجواب الواسع القادر الذي لا يعتريه ضيق، ولا تنويه عجلة، مشيراً إلى الاستعداد للدفاع أو الاستسلام لذي الجلال والإكرام، كما فعلت بلقيس رضي الله عنها، فقال مخاطباً الرأس الذي لا يقدر على هذه التؤدة حق القدرة غيره :( قل ( يا محمد ) عسى ) أي يمكن ) أن يكون ( وجديروخليق بأن يكون ) ردف ) أي تبع ردفاً حتى صار كالرديف ولحق.
ولما قصر الفعل وضمنه ما يتعدى باللام لأجل الاختصاص قال :( لكم ) أي لأجلكم خاصة ) بعض الذي تستعجلون ( إتيانه من الوعيد، فتطلبون تعجيله قبل الوقت الذي ضربه الله له، فعلى تقدبر وقوعه ماذا أعددتم لدفاعه ؟ فإن العاقل من ينظر في عواقب أموره، ويبنيها على أسوأ التقادير، فيعد لما يتوهمه من البلاء ما يكون فيه الخلاص كما فعلت بلقيس رضي الله عنها من الانقياد الموجب للأمان لما غلب على ظنها أن الإباء يوجب الهوان، لا كما فعل قوم صالح من الآبار، التي أعانت على الدمار، وغيرهم من الفراعنة.
ولما كان التقدير قطعاً : فأن ربك لا يعجل على أهل المعاصي بالانتقام مع القطع بتمام قدرته، عطف عليه قوله :( وإن ربك ) أي المحسن إليك بالحلم عن أمتك وترك المعاجلة لهم بالعذاب على المعاصي ) لذ فضل ) أي تفضل وإنعام ) على الناس ) أي كافة ) ولكن أكثرهم لا يشكرون ) أي لا يوقعون الشكر له بما أنعم عليهم، ويزيدون في الجهل بالاستعجال.
ولما كان الإمهال قد يكون من الجهل بذنوب الأعداء، قال نافياً لذلك :( وإن ربك ) أي والحال أنه أشار بصفة الربوبية إلى إمهالهم إحساناً إليه وتشريفاً له ) ليعلم ) أي علماً لا يشبه علمكم بل هو ي غاية الكشف لديه دقيقة وجليلة ) ما تكن ) أي تضمر وتستر وتخفي ) صدورهم ) أي الناس كلهم فضلاً عن قومك ) وما يعلنون ) أي يظهرون من عداوتك فلا تخشهم، وذكر هذا القسم لأن التصريح أقر للنفس والمقام للأطناب، على أ، ه ربما كان في الإعلان لغط واختالط أصوت يكون سبباً للخفاء.
ولما كان ثبات علة الناس في الغالب مقيداً بالكتاب، قال تقريباً لأفهامهم :( وما من غائبة ) أي من هنة من الهنات في غاية الغيبوبة ) في السماء والأرض ) أي في أي


الصفحة التالية
Icon