صفحة رقم ٤٤٩
موضع كان منهما، وأفردهما دلالة على إرادة الجنس الشامل لكل فرد ) إلا في كتاب ( كتبه قبل إيجادها لأنه لا يكون شيء إلا بعلمه وتقديره ) مبين ( لا يخفى شيء فيه على من تعرف ذلك منه ذلك منه كيفما كان ؛ ثم دل على ذلك بقوله :( إن هذا القرآن ) أي الآتي به هذا النبي الأمي الذي لم يعرف قبله علماً ولا خالط عالماً ) يقص ) أي يتابع الإخبار ويتلو شيئاً فشيئاً على سبيل القطع الذي لا تردد فيه، من غير زيادة ولا نقص ) على بني إسرائيل ) أي الذي أخبارهم مضبوطة في كتبهم لا يعرف بعضها إلا قليل من حذاق أخبارهم ) أكثر الذي هم ) أي خاصة لكونه منخاص أخبارهم التي لا علم لغيرهم بها ) فيه يختلفون ( اي من أمر الدين وإ، بالغوا في كتمه، كقصة الزاني المحصن في إخفائهم أن حده الرجم، وقصة عزير والمسيح، وإخراج النبي ( ﷺ ) ذلك من توارتهم، فصح بحقيقه على لسان من لم يلم بعلم قط أنه من عند الله، وصح أن الله تعالى يعلم كل شيء إذ لا خصوصية لهذا دون غيره بالنسبة إلى علمه سبحانه.
النمل :( ٧٧ - ٨١ ) وإنه لهدى ورحمة.....
) وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤمِنِينَ إِن رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلاَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ وَمَآ أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ ( ( )
ولما بان بهذا دليل علمه، أتبعه دليل فضله وحلمه، فقال :( وإنه ) أي القرآ، ) لهدى ) أي موصل إلى المقصود لمن وفق ) ورحمة ) أي نعمة وإكرام ) للمؤمنين ) أي الذين طبعتهم على الإيمان، فهو صفة لهم راسخة كما أنه للكافرين وقر في أذانهم وعمى في قلوبهم.
ولما ذكر دليل فضله، أبعه دليل عدله، فقال مستأنفاً لجواب منظن أن فضله دائم العموم على الفريقين :( إن ( وقال :( ربك ) أي المحسن إليك بجمعه لكل بين العلم والبلاغة والدين والبراعة الدنيا والعفة والشجاعة تسلية للنبي ( ﷺ ) ) يقضي بينهم ) أي بين جميع المخلفين ) بحكمه ) أي الذي هو أعدل حكم وأتقنه وأنفذه وأحسنه مع كفرهم به واستهزائهم برسله، لا بحكم غيره ولا بنائب يستثنيه ) وهو ) أي والحال أنه


الصفحة التالية
Icon