صفحة رقم ٤٥٢
عن يمين الخارج في وسط ذلك، فارفض الناس عنها وثبت لها عصابة عرفوا أنهم لن يعجزوا الله فخرجت عليهم تنفض رأسها من التراب، فمرت بهم فجلت عن وجوههم حتى تركتها كأنها الكواكب الدرية، ثم ولت في الأرض لا يدركها طالب، ولا يعجزها هارب، حتى أن الرجل ليقوم فيتعوذ منها بالصلاة، فتأتيه من خلفه فتقول : يا فلان الآن تصلي فيقبل عليها بوجهه فتسمه في وجهه، فيتجاوز الناس في ديارهم، ويصطحبون في أسفارهم، ويشتركون في الأموال، بعرف الكافر من المؤمن، فيقال للمؤمن : يا مؤمن، ويقال للكافر يا كافر ( ؛ ومن طريق الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ( ﷺ ) قال :( تخرج الدابة ومعها عصا موسى، وخاتم سليمان عليهما السلام، فتجلوا وجه المؤمن بالعصا، وتخطم أنف الكافر بالخاتم، حتى أن أهل الخوان ليجتمعون فيقو هذا : يا مؤمن، وهذا يا كافر (.
ثم علل سبحانه إخراجه لها بقوله :( أن الناس ) أي بما هم ناس لم يصلوا إلى أول اسنان الإيمان، وهوسن ) الذين آمنوا ( بل هم نائسون مترددون مذبذبون تارة، وتارة ) كانوا ( اي كوناً هو لهم كالجبلة ) بآيتنا ) أي المرئيات التي كتبناها بعظمتنا في ذوات العالم، والمسموعات المتلوات، التي أتيناهم به على ألسنة أكمل الخلق : الأنبياء والرسل، حتى ختمناهم بإمامهم الذي هو أكمل العالمين، قطعاً لحجاجهم، ورداً عن لجاجهم، ولذا عممنا برسالته وأوجبنا على جميع العقل أتباعه ) لا يوقنون ( من اليقين، وهو إتقان العلم بنفي الشبه، بل هم فيها مزلزلون، فلم يبق بعده ( ﷺ ) إلا كشف الغطاء عما ليس منجنس الشر بما لا تثبيت له عقولهم.
ولما كان من فعل الدابة التمييز بين المؤمن والكافر بما لا يستطيعون دفعه، تلاه بتمييز كل فريق منهما عن صاحبه يجمعهم يوم القيامة في ناحية، وسوقهم من غير اختلاط بالفريق الآخر، فقال عاطفاً على العامل في ( وإذا وقع القول ) :( ويوم نحشر ) أي نجمع - بما لنا من العظمة - على وجه الإكراه ؛ قال أبو حيان : الحشر : الجمع على عنف ) من كل أمة فوجاً ) أي جماعة كثيرة ) ممن يكذب ) أي يوقع التكذيب للهداة


الصفحة التالية
Icon