صفحة رقم ٤٥٨
النمل :( ٩٢ - ٩٣ ) وأن أتلو القرآن.....
) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُنذِرِينَ وَقُلِ الْحَمْدُ للَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ( ( )
ولما بين ما أمر به في نفسه، أتبعه ما تعم فائدته غيره فقال :( وأن أتلو القرآن ) أي أواظب على تلاوته وتلوه - أي اتباعه - عبادة لربي، وإبلاغاً للناس ما أرسلت به إليهم مما لا يلم به ريب في أنه من عنده، ولأكون مستحضراً لأموامره فأعمل بها، وانواهيه فأجتنبها، وليرجع الناس إيه ويعولوا في كل أمر عليه.
لأنه جامع لكل علم.
ولما تسبب عن ذلك أن من انقاد له نجى نفسه، ومن استعصى عليه أهلكها، قال له ربه سبحانه مسلياً ومؤسياً ومرغباً ومرهباً :( فمن اهتدى ) أي باتباع هذا القرآن الداعي إلى الجنان ) فإنما يهتدي لنفسه ( لأنه يحييها بحوزة الثواب، ونجاته من العقاب، فإنما أنا من المبشرين، أبشره أنه من الناجين ) ومن ضل ) أي عن الطريق التي نهج وبينها من غير ميل ولا عوج ) فقل ( له كما تقول لغيره :( إنما أن امن المنذرين ) أي المخوفين له عواقب صنعه، وإنما فسره ورده فلم أومر به الآن ) وقل ) أي إنذاراً لهم وترغيباً وترجية وترهيباً :( الحمد ) أي الإحاطة بأوصاف الكمال ) لله ) أي الذي له العظمة كلها سواء اهتدى الكل وضل الكل، أو انقسموا إلى مهتد وضا، لأنه لا يخرج شيء عن مراده.
ولما كانت نتيجة ذلك القدرة على كل شيء قال :( سيريكم ) أي في الدنيا والآخرة بوعد محقق لا شك في وقوعه ) آياته ) أي الرادة لكم عما أنتم فيه يوم يحل لي هذه البلدة الذي حرمها بما أشار إليه جعلي من المنذرين وغير ذلك ما يظهر من وقائعه ويشتهر من أيامه التي صرح أو لوح بها القرآن، فيأتيكم تأوليه فترونه عياناً، وهو معنى ) فتعرفونها ) أي بتذكركم ما وعدكم الآن به وأصفه لكم منها، لا تشكون في شيء من ذلك أنه على ما وصفته ولا ترتابون، فتظهر لكم عظمة القرآن، وإبانة آيات الكتاب الذي هو الفرقان، وترون ذلك حق اليقين ) ) ولتعلمن نبأه بعد حين ( ) [ ص : ٨٨ ]، ) ) يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق ( ) [ الأعراف : ٥٣ ]، ) ) هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون ( ) [ يس : ٥٢ ].
ولما كان قد نفس لهم بالسين في الآجال، وكان التقدير تسلية ( ﷺ ) : وما ربك بتاركهم على هذا الحال من العناد لأن ربك قادر على ما يريد، عطف عليه قوله :( وما ربك ) أي المحسن إليك بجميع ما اقامك فيه من هذه الأمور العظيمة والأحوال الجليلة الجسيمة ) بغافل عما تعلمون ) أي من مخالفة أورامره، ومفارقة زواجره، ويجوز أن تكون الجملة حالاً من فاعل ) يرى ) أي ربكم غير غافل، ومن قرأ بالخطاب كان


الصفحة التالية
Icon