صفحة رقم ٤٦١
ولما كانت هذه إشارات عالية، وما بعدها لزوم نظوم لأوضح الدلالات حاوية، قال مشيراً إلى عظمتها :( تلك ) أي الآيات العالمية الشأن ) آيات الكتاب ) أي المنزل على قلبك، الجامع لحميع المصالح الدنيوية والأخروية ) المبين ( اي الفاصل الكاشف الموضح المظهر، لأنه من عتندنا من غير شك، ولكل ما يحتاج إليه من ذلك وغيره، عند من يجعله من شأنه ويتلقاه بقبول، ويلقي إليه السمع وهو شهيد ؛ ثم اقام الدليل على إبانته.
وأنه يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم يختلفون / بما أورد هنا في قصة موسى عليه الصلاة والسلام من الدقائق التي قل من يعلمها من حذاقهم، على وجه معلم بما انتقم به نم فرعون وآله، ومن لحق بهم كقارون، وأنعم به على موسى عليه السلام وأتباعه، ولذلك بسط فيها أمور القصة ما لم يبسط في غيرها فقال :( نتلوا ) أي نقص قصاً متتابعاً متوالياً بعضه في أثر بعض ) عليك ( بواسطة جبريل عليه الصلاة والسلام.
ولما كان المراد إنما هو قص ما هو من الأخبار العظيمة بياناً للآيات بعلم الجليلات والخفيات، والمحاسبة والمجازاة، لا جميع الأخبار، قال :( من نبأ موسى وفرعون ) أي بعض خبرهما العظيم متلبساً هذا النبأ وكائناً ) بالحق ( اي الذي يطابقه الواقع، فإنا ما أخبرنا فيه بمستقبل إلا طابقه الكائن عند وقوعه، ونبه على أن هذا البيان كما سبق إنما ينفع أولى الإذعان بقوله :( لقوم يؤمنون ) أي يجددون الإيمان في كل وقت عند كل حادثة لثبات إيمانهم، فعلم أن المقصود منها هنا الاستدلال على نبوة محمد ( ﷺ ) الأمي بالاطلاع علىالمغيبات، والتهديد بعلمه المحيط، وقدرته الشاملة، وأنه ما شاء كان ولا مدفع لقضائه، ولا ينفع حذر من قدرة، فصح أنها دليل على قوله تعالى آخر تلك ) سيريكم آياته فتعرفونها ( الآية، ولذلك لخصت رؤوس أخبار القصة، والسلام وأمة وفرعون وغيرهم إلى ما تراه من الحكم التي لا يطلع عليها إلا عالم بالتعلم أو بالوحي، ومعلوم لكل مخاطب بذلك انتفاء الأول عن المنزل عليه هذا الذكرُ صلى الل عليه وسلم، فانحصر الأمر في الثاني، يوضح لك هذا المرام مع هذه الآية الأولى التي ذكرتها قوله تعالى في آخر القصة ) وما كنت بجانب الغربي ( ) وما كنت بجانب الطور ( واتباع القصة بقوله تعالى :( ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون ( فالمراد بهذا السياق منها كما ترى غير ما تقدم من سياقاتها كما مضى، فلا تكرير في شيء من ذلك - والله الهادي.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما تضمن قوله سبحانه ) إنما أمرت أن أعبد رب هذه الذي حرمها ( - إلى آخر السورة من التخويف والترهيب والإنذار والتهديد لما