صفحة رقم ٤٧٢
مثل ما أعطي من القوى الذاتية والمعنوية ) فقضى ) أي فأوقع القضاء الذي هو القضاء على الحقيقة، وهو الموت الذي لا ينجو منه بشر ) عليه ( فقتله وزفرغ منه وكل شيء فرغت منه فقد قضيته وقضيت عليه وخفي هذا على الناس لما هم فيه من الغفلة، فلم يشعر به أحد منهم.
ولما كان كأنه قيل : إن هذا الأمر عظيم، فما ترتب عليه من قول من أوتي حكماً وعلماً ؟ أجيب بالإخبار عنه بأنه ندم عليه في الحال بقوله :( قال ) أي موسى عليه السلام :( هذا ) أي الفعل الذي جرك إليه الإسرائيلي ) من عمل الشيطان ) أي لأني لم أومر به على الخصوص، ولم يكن نقصدي وإن كان المقن تول كافراً ؛ ثك أخبر عن حال الشيطان بما هو عالم به، مؤكداً له حملاً لنفسه على شدة الاحتراس والحذر منه فقال :( إنه عدو ( ومع كونه عدواً ينبغي الحذر منه فهو ) مضل ( لا يقود إلى خير أصلاً، وع ذلك فهو ) مبين ) أي عداوته وإضلاله في غاية البيان، ما في شيء منهما خفاء.
ولما كان هذا الكافر ليس فيه شيء غير الندم لكونه ( ﷺ ) لم يأته في قتله إذن خاص، وكان قد أخبر عنه بالندم، تشوفت أنفس البصراء إلى الاستغفار عنه، علماً منهم بأن عادة الأنبياء وأهل الدرجات العلية استعظام الهفوات، فأجيبوا بالأخبار عن مبادرته إلى ذلك قوله :( قال ( واسقط أداة النداء، على عادة أهل الاصطفاء، فقال :( رب ) أي أيها المحسن إليّ.
ولما كان حال المقدم على شيء دالة على إرادته فاستحسانه إياه، أكد قوله إعلاماً بأن باطنه عل غير ما دل عليه ظاهرة فقال :( إني ظلمت نفسي ) أي بالإقدام على ما يم يتقدم إليّ فيه إذن بالخصوص وإن كان مباحاً.
ولما كان المقرب قد يعد حسنة غيره سيئته، قال مسبباً عن ذلك :( فاغفر ( اي امح هذه الهفوة عينها وأثرها ) لي ) أي لأجلي لا تؤاخذني ) فغفر ( اي أوقع المحو لذلك كما سأل إكراماً ) له ( ثم علل ذلك بقوله مشيراً إلى أن صفة غيره عدم بالنسسبة إلى صفته مؤكداً لذلك :( إنه هو ) أي وحده ) الغفور ( اي البالغ في صفة الستر لكل من يريد ) الرحيم ( اي العظيم الرحمة بالإحسان بالتوفيق غلىالأفعال المرضية لمقام الإلهية، ولأجل أن هذه صفته، رده إلى فرعون وقومه حين ارسله إليهم فلم يقدروا على مؤاخذته بذلك بقصاص ولا غيره بعد أن نجاه منم قبل الرسالة على غير قياس.
ولما أنعم عليه سبحانه بالإجابة إلى سؤله، تشوف السامع إلى شكره عليها فأجيب