صفحة رقم ٤٧٧
ولما كان حاله في عظيم صبره حاله من لا يطلب، أكد سؤاله إعلاماً بشديد تشوقه لما سأل فيه وزيادة في التضرع والرقة، فقال :( إني ( ولأكد الافتقار بالإلصاق باللام دون ( إلى ) فقال :( لما ( اي لأي شيء.
ولما كان الرزق الآتي إلى الإنسان مسبباً عن القضاء الآتي عن العلي الكبير، عبر بالإنزال وعبر بالماضي تعميماً لحالة الافتقار، وتحققاً لإنجاز الوعد بالرزق فقال :( أنزلت ( ولعله حذف العائد اختصاراً لما به من الإعياء ) إليّ من خير ) أي ولو قل ) فقير ) أي مضرور، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه كان قد بلغ من الضر أن اخضر بطنه من أكل البقل وضعف حتى لصق بطنه بظهره.
فانظر إلى هذين النبيين عليهما الصلاة والسلام في حلهما في ذات يدهما، وهما خلاصة ذلك الزمان، ليكون لك في ذلك اسوة، وتجعله إماماً وقدوة، وتقول : يا بأنبي وأمي ما لقي الأنبياء والصالحون من الضيق والأهوال في سجن الدنيان صوناً لهم منها وإكراماً من ربهم عنها، رغعة لدرجاتهم عنده، واستهانة لها وإن ظنه الجاهل المغرور على غير ذلك، وفي القصة ترغيب في الخير، وحث على المعاونة على البر، وبعث على بذل المعروف مع الجهد.
القصص :( ٢٥ - ٢٨ ) فجاءته إحداهما تمشي.....
) فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَآءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَآءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ( ( )
ولما كان سما عهما لقوله هذا مع إحسانه إليهما سبباً لدعاء شعيب عليه الصلاة والسلام له، قال بانياً على نا تقديره : فذهبت المرأتان إلى ابيها فحدثتاه بخبرهما و بإحسانه إليها، فأمر بدعائه ليكافئه :( فجاءته ( اي بسبب قول الأب وعلى الفرو ) إحدهما ) أي المرأتين حال كونها ) تمشي ( ولما كان الحياء كأنه مركب لها ةهي متمكنة منه، مالكة لزمامه، عبر بأداة الاستعلاء فقال :( على استحياء ( اي حياء موجود منها لأنها كلفت الإتيان إلى رجل أجنبي تلكمه وتماشيه ؛ ثم استأنف الإخبار عما تشوف


الصفحة التالية
Icon