صفحة رقم ٥٠٠
إذا كان أصله حقاً من عند الله، ) إنه الحق ( اي الكامل الذي ليس وراءه إلا الباطل، مع كونه ) من ربنا ( المحسن إلينا، وكل من الوصفين موجب للتصديق والإيمان به ؛ ثم عللوا مبادرتهم إلى الإذعان منبهين على أنهم في غاية البصيرة من أمره بأنهم يتلون ما عندهم حق تلاوته، لا بألسنتهم فقط، فصح قولهم الذي دل تأكيدهم له على اغتباطهم به الموجب لشكره :( إنا كنا ) أي كوناً هو في غاية الرسوخ ؛ وأشار إلى أن من صح إسلامه ولو في زمن يسير أذعن لهذا الكتاب، بإثبات الجار، فقال :( من قبله مسلمين ) أي منقادين غاية الانقياد لما جاءنا من عند الله من وصفه وغير وصفه وافق هوانا وما ألفناه أو خالفه، لا جرم كانت النتيجة :( أؤلئك ) أي العالو الرتبة ) يؤتون ( بناه للمفعول لأن القصد الإيتاء، والمؤتى معروف ) أجرهم مرتين ( لإيمانهم بعه غيباً وشهادة، أو بالكتاب الأول ثم الكتاب الثاني ) بما صبروا ( على ما كان من الإيمان قبل العيان، بعدما هزهم إلى النزوع عنه إلف دينهم الذي كان، وغير ذلك من امتحان الملك الديان.
ولما صبر لا يتم إلا بالاتصاف بالمحاسن والانخلاع من المساوىء، قال عاطفاً على ) يؤمنون ( مشيراً إلى تجديد هذه الأفعال كل حين :( ويدرءون بالحسنة ( من الأقوال والأفعال ) السيئة ) أي من ذلك كله فيمحونها بها.
ولما كان بعض هذا الدرء لا يتم إلا بالجود قال :( ومما رزقناهم ) أي بعظمتنا، لا بحول منهم ولا قوة، قليلاً كان أو كثيراً ) ينفقون ( معتمدين في الخلق على الذي رزقه ؛ قال البغوي : قال سعيد بن جبير : قدم مع جعفر رضي الله تعالى عنه من الحبشة أربعون رجلاً، يعني : فأسلموا، فلما رأوا ما بالمسلمين من الخصاصة استأذنوا النبي ( ﷺ ) في أموالهم، فأتوا بها فواسوا بها المسلمين.
القصص :( ٥٥ - ٥٨ ) وإذا سمعوا اللغو.....
) وَإِذَا سَمِعُواْ اللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ وَقَالُواْ إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَآ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقاً مِّن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ( ( )