صفحة رقم ٥٠٨
كقدرته على من قبلكم بسبب التوقف عن المتابعة أشد من خطر الخوف من التخطف بسبب ا لمتابعة، أو يكون التقدير : فما خفتم منه التخطف غير ضائركم، وكفكم عن المتابعة لأجله غير مخلدكم، إهلاككم على اله بأي وجه كان بعزيز، عطف على هذا الذي ارشد السياق إلى تقديره قوله :( وما أوتيتم ) أي من أي مؤت كان ) من شيء ) أي من هذه الأشياء التي بأيدكم وغيرها ) فمتاع ) أي فهو متاع ) الحياة الدنيا ( وليس يعود نفعه إلى غيرها، فهو إلى نفاد وإن طال زمن التمتع به ) وزينتها ) أي وهو زينة الحياة الدنيا التي هي كلها فضلاً عن زينتها إلى فناء، فليست هي ولا شيء منها بأزلي ولا أبدي ) وما عند الله ) أي الملك الأعلى مما تثمره لكم المتابعة من الثواب الذي وعدكموه في الدار الآخرة التي دل عليها دلالة واضحة إطباكم على وصف هذه بالدنيا، ومن أصدق وعداً منه ) خير ( على تقدير مشاركة ما في الدنيا له في الخيرية في ظنكم، لأن الذي عنده أكثر وأطيب وأظهر، وأحسن وأشهى، وأبهج وأزهى، ) و ( هو مع ذلك كله ) أبقى ( لأنه وإن شارك متاع الدنيا في أنه بم يكن أزلياً فهو أبدي.
فلما بان أنه لا يقدم على خطر المخالفة المذكور خوفاً من خطر المتابعة الموصوف عاقل، توجه الإنكار عليهم في قوله تعالى :( أفلا تعقلون (.
ولما كان هذا سبباً لأن ظهر كالشمس بون عظيم بين حال المخالف والمؤالف، سبب عنه وأنتج قوله، مقرراً لما ذكر من الأمرين موضحاً لما لهما من المبانة، منكراً على من سوى بينهما، فكيف بمن ظن أن حال المخالف أولى :( أفمن وعدناه ( على عظمتنا فيب الغنى والقدرة والصدق ) وعداً ( وهو الإثابة والثواب ) حسناً ( لا شيء أحسن منه في موافقته لأمنيته وبقائه ) فهو ( بسبب وعدنا الذي لا يخلف ) لاقيه ) أي مدركه ومصيبه لا محالة ) كمن متعناه ) أي بعظمتنا ) متاع الحياة الدنيا ( فلا يقدر أحد غيرنا على سلبه منه بغير إذن منا، ولا يصل أحد إلى جعله باقياً، وهو مع كونه فانياً وإن طال الزمان مشوب بالأكدار، مخالط بالأقذار والأوزار ) ثم هو ( مع ذلك كله ) يوم القيامة ( الذي هو يوم التغابن، من خسر فيه لا يربح أصلاً، ومن هلك لا يمكن عيشه بوجه ) من المحضرين ) أي المقهورين على الحضور إلى مكان يود لو افتدى منه بطلاع الأرض ذهباً، فإن كل من يوكل به لحضور أمر يتنكد على حسب مراتب التوكيل كائناً من كان في أيّ أمر كان.
ولما كان اليوم وإن كان واحداً بتعدد أوصافه، بما يقع في أثناءه وأضعافه، على يوم القيامة تهويلاً لأمره، وتعظيماً لخطره وشره، قوله مقرراً لعجز العباد، عن شيء من الإباء في يوم العباد :( ويوم يناديهم ) أي ينادي الله هؤلاء الذين يغرون بين


الصفحة التالية
Icon