صفحة رقم ٥١١
لم يكن مكرراً لتويل ذلك اليوم وتبشيعه وتعظيمه وتفظيعه، سائلاً عن حق رسله عليهم الصلاة والسلام بعد السؤال عن حقه سبحانه، منادياً بعجز الشركاء في الأخرى كما كانوا عاجزين في الأولى ) ويوم يناديهم ( وهم بحيث يسمعهم الداعي، وينفذهمالبصر، قد برزو الله جميعاً من كان منهم عاصياً ومن كان مطيعاً في صعيد واحد، قد أخذ بأنفاسهم الزحام، وتراكبت الأقدام على الأقدام، وألجمهم العرق، وعمهم الغرق ) فيقول ماذا ) أي أوضحوا أو عينوا جوابكم الذي ) أجبتم المرسلين ) أي به، ولما لم يكن لهم قدم صدق ولا سابق حق بما أتتهم الرسل به من الحجج، وتابعت عليهم من الأدلة، لم يكن لهم جواب إلا السكوت، وهو المراد بقوله :( فعميت ) أي خفيت وأظلمت في غواية ولجاج ) عليهم الأنباء ) أي الأخبار التي هي من العظمة بحيث يحق لها في ذلك اليوم أن تذكر، وهي التي يمكن أن يقع بها الخلاص، وعداه بعلى إشارة إلى أن عماها وقع عليهم، فعم الكل العمى فصاروا بحيث لا تهتدي الأنباء لعماها إليهم لتجددها، ولا يهتدون إليها بحق أن يذكر في ذلك اليوم، بل أسلفوا من التكذيب والإساءة ما يودون لو أن بينهم وبينه أمداً بعيدأً، وقالك ) يومئذ ( تكريراً لتخويف ذلك اليوم وتهويلهن وتقريراً لتعظيمه وتبجيله.
ولما تسبب عن هذا السؤال السكوت علماً منهم بأنه ليس عند أحد منهم ما يغني في جوابه من حسن القول وصوابه، وأنهم لا يذكرون شيئاً من المقال إلا عاد عليهم بالوبال، قال مترجماً عن ذلك :( فهم لا يتسألون ) أي لا يسأل أحد منهم أحداً عن شيء يحصل به خلاص، لعلمهم أنه قد عمهم الهلاك، ولات حين مناص، ولأن كل منهم أبغض الناس في الآخر.
ولما علم بهذه الآيات حال من أصر على كفره وعمل سيئاً بطريق العبارة، وأشير إلى حال من تاب فوعد الحسن ألطف إشارة تسبب عن ذلك التشوف إلى التصريح بحالهم، فقال مفصلاً مرتباً على ما تقديره : هذا حال من أصر على كفره ) فأما من تاب ) أي كفره وقال :( وآمن ( تصريحاًبما علم التزاماً، فإن الكفر والإيمان ضدان، لا يمكن ترك أحدهما إلا بأخذ الآخر ) وعمل ( تصديقاً لدعواه باللسان ) صالحاً (.
ولما كانت النفس نزاعة إلى النقائص، مسرعة إلى الدنايا، أشيرإلى صعوبة الاستمرار على طريق الهدى إلا بعظيم المجاهدة بقوله :( فعسى ) أي فإنه يتسبب عن حاله هذا الطمع في ) أن يكون ) أي كوناً هةو في غاية الثبات ) من المفلحين ( أي