صفحة رقم ٥٢٩
من أرضهم، فسيصير عدم دخولهم فيه سبباً لخوفهم وتخطفهم من أرضهم فيعلمون أن ما كانو فيه من الأمن إنما هو بسببك، ثم يصيرون يوم الفتح في قبضتك.
ولما قرر ذكر الآخرة التي هي المرجع وكرره، وأثيت الجزاء فيها، وأن العاقبة للمتقين، اتبعه ما هو في بيان ذلك كالعلة، فقال مستأنفاً مقرراً مؤكداً لما تقرر في أذهانهم من إنكار الآخرة وما يقتضيه حال خروجه ( ﷺ ) من مكة المشرفة من استبعاد رده إليها :( إن الذي فرض ) أي أوجب ) عليك القرآن ) أي الجامع لما تفرق من المحاسن، المفصل لما تلبس من جميع المعاني، أي فرض عليك جميع ما في هذا الكتاب المشتمل على الجمع والفرق بما يظهر حسن تلقيه من تلاوة وإبلاغ وتحد وعمل وألزمك فيه وغيرك هذه الملازم، وكلفكم تلك التكاليف التي منها المقارعة بالسيوف ) لرآدك ) أي بعد الموت لأجل صعوبة ما كلفك به وألزمك من مشقته ) إلى معاد ) أي مرجع عظيم يا له من مرجع يجزي فيه كل أحد بما عمل، فيبعثك ربك فيه ثواباً على إحسانك في العمل مقاماً محموداً يغبطك فيه الأولون والآخرون، بما عانيت في أمره من هذه المشقات التي لا تحملها الجبال، ولولا الرد إلى إلى هذا المعاد لكانت هذه التكاليف التي لا يعمل أكثرهم بأكثرها ولا يجازي على المخالفة فيها من العبث المعلوم أن العاقل من الآدميين متنزه عنه فكيف بأحكم الحاكمين فاجتهد فيما أنت فيه لعز ذلك اليوم فإن العقبة لك، والآية مثل قوله تعالى
٧٧ ( ) واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ( ) ٧
[ البقرة : ٢٨١ ]،
٧٧ ( ) ثم إليه ترجعون ( ) ٧
[ البقرة : ٢٨ ]
٧٧ ( ) إلى الله مرجعكم ( ) ٧
[ المائدة : ٤٨ ] إلى غير ذلك من الآيات، ويجوز أن يقال : إلى معاد أيّ معاد، أي مكان هو لعظمته أهل لأن يقصد العود إليه كل من خرج منه وهو مكة المشرفة : وطنك الدنيوي، كما فسرها بذلك ابن عباس رضي الله تعالى عنهما كما رواه عنه البخاري، وعود هو لجلالته أهل لأن يذكر لدخولك إليها في جنود يعز بها الإسلام، ويذل بها الكفر وأهله على الدوام، والجنة المزخرفة : وطنك الخروي، على أكل الوجوه وأعلاها، وأعزها وأولاها، فلا تظن أنه يسلك بك سبيل أبويك عليهما الصلاة والسلام : إبراهيم في هجرته من حران بلد الكفر إلى الرض المقدسة فلم يعد إليها، وإسماعيل في العلو به من الرض المقدسة إلى اقدس منها فلم يعد إليها، بل يسلك لك سبيل أخيك موسى عليه الصلاة والسلام الذي أنزل عليه الكتاب كما أنزل عليك الكتاب القرآن الفرقان، والذي اشركوك به في قولهم
٧٧ ( ) لولا أوتي موسى ( ) ٧
[ القصص : ٤٨ ] في إعادته إلى