صفحة رقم ٥٤٠
لِلَّذِينَ آمَنُواْ اتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ) ٧٣
( ) ٧١
ولما كانت ترجمة ما مضى من قسم الراجي والمجاهد والعامل للصالح : فمن الناس كما اشير إليه من يؤمن بالله، فإذا أوذى في الله صبر واحتسب انتظاراً للجزاء من العلي الأعلى، ولكنه حذف من كل جملة ما دل عليه بما ذكر في الأخرى، عطف عليه :( ومن الناس ) أي المذبذبين ) من يقول ) أي بلسانه دون طمأنينة من قلبه :( آمنا بالله ) أي الذي اختص بصفات الكمال، وأشار بعد الإيماء إلى كثره هذا الصنف بالإسناد غلى ضمير الجمع إلى أن الأذى في هذه الدار ضربة لازب لا بد منهن بقوله بأداة التحقيق :( فإذا أوذي ( اي فتنة له واختباراً من أيَّ مؤذ كان ) في الله ) أي بسبب كونه في سبيل الله الذي لا يداينه في عظمته وجميع صفاته شيء، ببلاء يسلط به عباده عليه ) جعل ( اي ذلك الذي ادعى الإيمان ) فتنة الناس ) أي بما له بما يصيبه من أذاهم في جسده الذي إذا مات انقطع أذاهم عنه ) كعذاب الله ) أي المحيط بكل شيء، فلا يرجى الانفكاك منه، فيصرف المعذب بعد الشماخة والكبر إلى الخضوع والذل، لأن لا كفؤ له ولا مجير عليه، فلا يطاق عذابه، لأنه على كل من الروح والجسد، لا يمكن مفارقته لهما ولا لواحد منهما بموت ولا بحياة إلا بإرادته حتى يكون عمل هذا المعذب عند عذاب الناس له الطاعة لهم في جميع مايأمرون به ظاهراً وباطناً، فيتبين حينئذ أنه كلن كاذباً في دعوى الإيمان، وقصر الرجاء على الملك الديان، وأشار غلى أن الفتنة ربما استمرا إلى الممات وطال زمنها بالتعبير بأداة الشك، وأكد لاستبعاد كل سامع أن يقع من أحد بهت في قوله :( ولئن جاء نصر ) أي لحزب الله الثابتي الإيمان.
ولما كان الإحسان منه إنما هو محض امتنان، فلا يجب عليه لأحد شيء، عبر بما يدل على ذلك مشيراً إلى أنه يفعله لأجله ( ﷺ ) فقال :( من ربك ( اي المحسن إليك بنصر أهل دينك، تصديقاً لوعدك لهم، وإدخالاً للسرور عليك، ولما كانت هذه الحالة رخاء، عبر بضمي الجمع إشارة إلى نحو قول الشاعر :
وما أكثر الإخوان حين تعدهم ولكنهم في النائبات قليل
فقال :( ليقولن ) أي هؤلاء الذين لم يصبروا، خداعاً للمؤمنين خوفاً ورجاءً وعبر في حالة الشدة بالإفراد لئلا يتوم أن الجمع قيد، وجمع هنا دلالة على أنهم لا يستحيون من الكذب ولو على رؤوس الأشهاد، وأكدوا لعلمهم أن قولهم ينكر لأنهم كاذبون فقالوا :( إنا كنا معكم ( اي لم نزايلكم بقلوبنا وإن أطعنا أؤلئك بآلسنتنا.


الصفحة التالية
Icon