صفحة رقم ٥٩١
بخشبة الصليب، وكانت قد دفنت في بستان في تابوت من ذهب وزرع فوقها مبقلة فدلوه عليها فحفر واستخرجها وبعد بها إلى كسرى في سنة أربع وعشرين من ملكه، وأما القائد الثاني - وكان يقال لهك شاهير - فسار حتوى على مصر والإسكندرية وبلاد النوبة وبعث إلى كسرى بمفاتيح مدينة الإسكندرية في سنة ثمان وعشرين من ملكه، وأما القائد الثالث - وكان يقال له : فرهان - فإنه قصد قسطنطينية حتى أناخ قريباً من ماء وخيم هنالك فأمره كسرى فخرب بلاد الروم غضباً مما انتهكوا من موريق - يعني الملك الذي فعل هذا لأجله أحد من الروم، لأنهم لما قتلوا الملك قوفا ملكوا عليهم رجلاً يقال له هرقل، ثم اتفق ابن الفرات وابن فتحون فقالا : فلما رأى هرقل عظيم ما فيه بلاد الروم من تخريب جنود فارس إياها وقتلهم مقاتلتهم، وسبيهم ذراريهم، واستباحتهم أموالهم، تضرع غلى الله تعالى، وأكثر الدعاء والابتهال فيقال : إنه رأى في منامه رجلاً ضخم الجثة رفيع المجلس عليه، فدخل عليهما داخل، فألقى ذلك الرجل عن مجلسه وقال لهرقل : إني قد سلمته في يدك، فلم يقصص رؤياه تلك في يقظته حتى توالت عليه عليه أمثالها، فراى في بعض لياليه كأن رجلاً دخل عليهما وبيده سلسلة طويلة فألقاها في عنق صاحب المجلس الرفيع عليه ثم دفعه غليه وقال له : ها قد دفعت إليك كسرى برمته، وقال ابن الفرات : فاغزه فإنك مدال عليه، ونائل أمنيتك في غزاتك، فلما تتابعت عليه هذه الأحلام قصها على عظماء الروم وذوي العلم منهم، فأشاروا عليه أن يغزوه، فاستعد هرقل واستخلف ابنه على مدينة القسطنطينية، وأخذ غير الطريق الذي فيه شهريراز صاحب كسرى، وسار حتى دخل في بلاد أرمينية ونزل بنصبين بعد سنة، وقد كان صاحب ذلك الثغر من قبل كسرى استدعى لموجدة كانت من كسرى عليه، وأما شهربراز فكانت كتب كسرى ترد عليه في الجثوم على الموضع الذي هو به، وترك البراح، ثم بلغ كسرى تساقط هرقل في جنوده غلى نصيبين فوجه لمحاربة هرقل رجلاً من قواده يقال له : راهزاد في اثني عشر ألفاً من الأنجاد، وأمره أن يقيم بنينوى وهي التي تدعى ىان الموصل - على شاطىء دجلة، ويمنع الروم أن يجوزوها، وكان كسرى بلغه خبر هرقل وأنه مغذ وهو يومئذ مقيم بدسكرة الملك، فتعذر راهزاد لأمر كسرى وعسكر حيث أمره فقطع هرقل دجلة من موضع آخر غلى الناحية التي كان فيها جند فارس، فأذكى راهزاد أنه ومن معه من الجند عاجزون عن مناهضته، كتب إلى كسرى غير مرة دهم هرقل إياه بمن لا طاقة له ولمن معه بهم، لكثرتهم وحسن عدته، قال ابن الفرات :