صفحة رقم ٦٠٥
ارسلت إليهم، بل ليس لهم من إثارة الأرض وعمارتها كبير أمر، فإن بلاد العرب إنما هي جبال سود وفيافي غبر، فما هو إلى تهكم بهم، وبيان لضعف حالهم في دنياهم التي لا فخر لهم بغيرها.
ولما كانوا قد وقفوا مثل هؤلاء مع السبب الأدنى، ولم يرتقوا بعقولهم إلى المطلوب الأعلى، أخبر أنه أرسل إليهم الدعاة ينبهونهم من رقدتهم، وينقذونهم من غفلتهم، فكان التقدير : فضلوا عن المنهج الواضح، وعمو اعن السبيلالرحب، وزاغوا عن طريق الرب، فأرسلنا إليهم الرسل، فعطف عليه قوله مشيراً بتأنيث الفعل غلى ضعف عقولهم بتكذيبهم الرسل كما تقدم إيضاحه عند ) ) تلك الرسل ( ) [ البقرة : ٢٥٣ ] :( وجاءتهم رسلهم ) أي عنا ) بالبينات ( من المعجزات مثل ما أتاكم به رسولنا من وعودنا السابقة، وأمورنا الخارقة، كأمر الإسراء وما أظهر فيه من الغرائب كالإخبار بأن العير تقدم في يوم كذا يقدمها جمل صفته كذا وغرائره كذا، فظهر كذلك، وما آمنتم كما بم يؤمن من كان أشد منكم قوة ) فما ) أي بسبب أنه ما ) كان الله ( على ما له من أوصاف الكمال مريداً ) ليظلمهم ( بأن يفعل معهم فعل من تعدونه أنتم ظالماً بأن يهلكهم في الدنيا ثم يقتص منهم في القيامة قبل إقامة الحجة عليهم بإرسال الرسل بالبينات ) ولكن كانوا ( بغاية جهدهم ) أنفسهم ( اي خاصة ) يظلمون ) أي يجددون الظلم لها بإيقاع الضر موقع جلب النفع، لأنهم لا يعتبرون بعقولهم التي ركبناها فيهم ليستضيؤا بها فيعلموا الحق من الباطل، ولا يقبلون من الهداة إذا كشفوا لهم ما عليها من الغطاء، ولا يرجعون عن الغي غذا اضطروهم بالآيات الباهرات، بل ينتقلون من الغفلة إلى العناد.
الروم :( ١٠ - ١٣ ) ثم كان عاقبة.....
) ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُواْ السُّوءَى أَن كَذَّبُواْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ مِّن شُرَكَآئِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ كَافِرِينَ ( ( )
ولما كان انتكاسهم بعد هذا الأسباب المسعدة بعيداً، أشار إليه بأداة التراخي، أو هي إشارة إلى تطاول دعار الرسل لهم احتمالهم إياهم فقال :( ثم كان ) أي كوناً تعذر الانفكاك عنه، وهو في غاية الهول كما اشار غليه تذكير الفعل ) عاقبة ) أي آخر أمر ) الذين أساءوا ( أظهر موضع الإضمار تعميماً ودلالة على السبب ) السوأَى ) أي الحالة التي هي أسوأ ما يكون، وهي خسارة الأنفس بالدمار في الدنيا والخلود في العذاب في


الصفحة التالية
Icon