صفحة رقم ٦٢٢
أنفسهم، كما بين بطلان دينهم بأمر هو في أنفسهم :( فطرت الله ) أي الزم فطرة الملك الذي لا رادَّ لأمره، وهي الخلقة الأولى التي خلق عليها البشر والطبع الأول، وقال الغزالي في آخر كتاب العلم من الأحياء في بيان العقل في هذه الآية : اي كل آدمي فطر على الإيمان بالله تعالى بل على معرفة الأشياء على ما هي عليه، اعني أنها كالمتضمنة فيه لقرب استعداده للإدراك - انتهى، ثم أكد ذلك بقوله :( التي فطر الناس ) أي كل من له أهلية التحرك ) عليها ( كلهم الأشقياء والسعداء، وهي سهولة الانقياد وكرم الخلق الذي هو في الصورة فطرة الإسلام، وتحقيق ذلك أن المشاهد من جميع اطفال سلامة الطباع وسلاسة الانقياد لظاهر الدليل، ليس منهم في ذلك عسر كما في الكبار إن تفاوتوا في ذلك، فالمراد بالفطرة قبولهم للحق وتمكنهم من إدراكه، كما تجد الأخرس يدرك أمر المعاد إدراكاً بيناً، وله فيه ملكة راسخة، وهذا المعنى هو الذي أشار إليه حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين وحديث ابن عباس رضي الله عنهما عند أحمد بن منيه أن النبي ( ﷺ ) قال :( كل مولود يولد على الفطرة ) - وفي رواية للبخاري :( ما من مولود إلا يولد على الفطرة - فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء، هل تجدون فيها من جدعاء حتى تكونا أنتم تجدعونها ) فلذلك الجدع والوسم وشق الأذن ونحو ذلك مثالٌ للأخلاق التي يتعلمها الطفل ممن يعامله بها من الغش والكذب وغير ذلك، وكذا حديث عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه في مسلم في صفة النار والنسائي في فضائل القرآن وأبي داؤد الطالسي أن النبي ( ﷺ ) قال :( كل مال نحلته عبداً حلال، وإني خلقت عبادي ) حنفاء كلهم ( وأنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وآمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانه ) ولكن الشيطان لا يتمكن إلا بإقدار الله له في الحال بما يخلق في باطن المخذول من الباعث وفي ال الماضي من الطبائع التي هيأه بها لمثل ذلك كما أشار إليه قوله ( ﷺ ) المتفق عليه في الصحيح عن علي رضي الله تعالى عنه :( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) وآية سبحان سبحان
٧٧ ( ) كل يعمل على شاكلته ( ) ٧
[ الإسراء : ٨٤ ] وذلم أنه لما أخبرهم