صفحة رقم ٦٣١
شركاء ) من يفعل من ذلكم ( مشيراً إلى علو رتبته بأداة البعد والخطاب الكل.
ولما كان الاستفهام الإنكاري التوبيخي في معنى النفي، قال مؤكداً له مستغرقاً لكل ما يمكن منه ولو قل جداً :( من شيء ) أي يستحق هذا الوصف الذي تطلقونه عليه.
ولما لزمهم قطعاً أن يقولوا : لا وعزتك ما لهم ولا لأحد منهم في شيء من ذلك من فعل، أشار إلى عظيم ما ارتكبوه بما نتجه هذا الدليل، فقال معرضاً عنهم زيادة في التعظيم والعظمة، منزهاً لنفسه الشريفة منها على التنزيه ببعد رتبته الشماء من حالهم :( سبحانه ) أي تنزه تنزهاً لا يحيط به الوصف من أن يكون محتاجاً إلى شريك، فإن ذلك نقص عظيم.
ولما كان من أخبر بأنه فعل شيئاً أو يفعله كالإماتة والإحياء بالبعث وغيره لا يحول بينه وبينه المقاوم من شريك ونحوه، قال :( تعالى ( اي علواً لا تصل إليه العقول، كما دلت عليه صيغة التفاعل، وجرت قراءة حمزة والكسائي بالخطاب على الأسلوب الماضي، وأذنتقراءة الباقين بالغيب بالإعراض للغضب في قوله معبراً بالمضارع غشارة إلى أن العاقل من شأنه أنه لا يقع منه شرك اصلاًن فكيف إذا كان على سبيل التجدد والاستمرار :( عما يشركون ( في أن يفعلوا شيئاً من ذلك أو يقدروا بنوع من أنواع القدرة على أن يحولوا بينه وبين شيء مما يريد ليستحقوا بذلك أن يعظموا نوع تعظيم، فنزهوه بالبراءة من كل معبود سواه.
ولما بين لهم سبحانه من حقارة شركائهم ما كان حقهم به أن يرجعوا، فلم يفعلوان اتبعه ما اصابهم به على ما كان في اسلافهم عقوبة لهم على قبيح ما ارتكبوا، استعطافاً للتوبة فقال :( ظهر الفساد ) أي النقص في جميع ما ينفع الخلق ) في البر ( بالقحط والخوف ونحوهما ) والبحر ( بالغرق وقلة الفوائد من الصيد ونحوه من كل ما كان يحصل منه قبل.
وقال البغوي : البر البوادي والمفاوز، والبحر المدائن والقرى التي على المياه الجارية، قال عكرمة : العرب تسمي المصر بحراً.
ثم بين سببه بقوله :( بما ( ولما أغنى السياق بدلالته على السيئات عن الافتعال قال :( كشبت ) أي عملت من الشر عملاً هو من شدة تراميهم إليه وإن كان على أدنى الوجوه بما أشار إليه تجريد الفعل كأنه مسكوب من علو، ومن شدة إتقان شره كأنه مسبوك.
ولما كان أكثر الأفعال باليد، أسند إليها ما يراد به الجملة مصرحاً بعموم كل ما له أهلية التحرك فقال :( أيدي الناس ( اي عقوبة لهم على فعلهم.
ولما ذكر علته البدائية، ثنى بالجزائية فقال :( لنذيقهم ( اي بما لنا من العظمة في رواية قنبل عن ابن كثير بالنون لإظهار العظمة في الإذاقة للبعض والعفو عن البعض، وقراءة الباقين بالتحتانية على سنن الجالة الماضي ؛ وأشار إلى كرمه سبحانه بقوله :( بعض الذي عملوا ) أي وباله وحره


الصفحة التالية
Icon