صفحة رقم ٦٩
ينكروا رسالته هو مثلهم، بل عليهم أن يعترفوا له عندما أظهر من المعجز كما اعترفوا لأولئك، كل ذلك فطماً عن أنن يتمنى أحد إجابتهم إلى الأييد بملك ظاهر، فقال عاطفاً على ما ( آمنت ) :( وما أرسلنا (.
ولما كان السياق لإنكار أن يكون النبي بشراً، وكان الدهر كله ما خلا قط جزء منه من رسالة، إما برسول قائم، وإما بتناقل أخباره، كان تعميم الزمان أنسب فقال من غير حرف جر :( قبلك ) أي في دجميع الأزمان الذي تقدم زمانك في جميع طوائف البشر ) إلا رجلاً نوحي إليهم ( بالملائكة سراً من غير أن يطلع على ذلك الملك غيرهم كما اقتضته العظمة من التخصيص والاختيار والإسرار عن الأغيار، وذلك من نعم الله على خلقه، لأن جعل الرسل من البشر أمكن للتلقي منهم والأخذ عنهم.
ولما لم يكن لهم طريق في علم هذا إن يقبلوا خبره عن القرآن إلا سؤال من كانوا يفوعون إليهم من أهل الكتاب ليشايعوهم على ما هم عليه من الشك والارتياب، قال :( فاسألوا أهل الذكر ( ثم نبه على أنهم غير محتاجين فيه إلى السؤال بما كان قد بلغهم على الآجال من أحوال موسى وعيسى وإبراهيم وإساعيل وغيرهم عليهم الصلاة والسلام بقوله، معبراً بأداة الشكك محركاً لهم إلى المعالي :( إن كنتم ) أي بجبلاتكم ) لا تعلمون ) أي لا أهلية لك في انتقاص علم، بل كنتم أهل تقليد محض وتبع صرف.
ولما بين أنه على سنة من مضى من الرسل في كونه رجلاً، بين أنه على سنتهم فب جميع الأوصاف التي حكم بها على البشر من العيش والموت فقال :( ) وما جعلناهم ( ) أي الرسل الذين اخترنا بعثهم إلى الناس ليأمروهم بأومرنا.
ولما كان السبب في الأكل ترتيب هذا الهيكل الحيواني على ما هو عليه لا كونه متكثراً، وحد فقال ) جسداً ) أي ذوي جسد لحم ودم متصفين بأنهم ) لا يأكلون الطعام ( بل جعلناهم أجساداً يأكلون ويشربون، وليس ذلك بمانع من إرسالهم ؛ قا لابن فارس في المجمل : وفي كتاب الخليل : إن امظهر
لجسد لا يقال لغير الإنسان من خلق الأرض.
ثم عطف على الأول قوله :( وما كانوا خالدين ) أي بأجسادهم، بل ماتوا كما مات الناس قبلهم وبعدهم، أي لم يكن ذلك في جبلتهم وإنمكا تميزوا عن الناس بمات يأتيهم عن الل سبحانه، ورسولكم ( ﷺ ) ليس بخالد، فتربصوا كما أشار إليه ختم طه فإنه متربص بكم وأنتم عاصون للمك الذي اقترب حسابه لخلقه وهو مطيع له، فأيكم أحق بالأمن ؟ ولما بين أن الرسل كالمرسل إليهم بشرل غير خالدين، بين سنته فيهم وفي أممهم ترغيباً لمن اتبع، وترهيباً لمن امتنع، فقال عاطفاً بأداة التراخي في مظهر العظمة على ما