صفحة رقم ٩٨
دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ) ٧٣
( ) ٧١
ولما ذكر أنه أعطاهم رتبة الصلاح في انفسهم، ذكر أنه أعطاهم رتبة الإصلاح لغيرهم، فقال معظماً لإمامتهم :( وجعلناهم أئمة ) أي أعلاماً ومقاصد يقتدى بهم في الدين بما أعطاهم من النبوة.
ولما كان الإمام قد يدعو إلى الردى، ويصد عن الهدى، إذا كانت إمامته ظاهرة لا يصحبها صلاح باطن، تحترز عن ذلك بقوله :( يهدون ) أي يدعون إلينا من وفقناه للهداية ) بأمرنا ( وهو الروح الذي هو العمل المؤسس على العلم بإخبار الملائكة به عنا، ولإفهام ذلك عطف عليه قوله معظماً لوحية إليهم :( وأوحينا إليهم ) أي أيضاً ) فعل ) أي أن يفعلوا ) الخيرات ( كلها وهي شرائع الدين، ولعله عبر بالفعل دلالة على أنهم امتثلوا كل ما أوحي إليهم.
ولما كانت الصلاة أم الخيرات، خصها بالذكر فقال :( وإقام الصلاة ( قال الزجاج : الإضافة عوض عن تاء التأنيث.
يعني فيكون من الغالب لا من القليل، وكان سر الحذف تعظيم الصلاة لأنها مع نقصها عن صلاتنا - لما أشار إليه الحذف - بهذه المنزلة من العظمة فما الظن بصلانتا.
ولما كانت الصلاة بين العبد والحق، وكان روحها الإعراض عن كل فان، عطف عليها قوله :( وإيتاء الزكاة ) أي التي هي مع كنها إحساناً إلى الخلق بما دعت الصلاة إلى الانسلاخ عنه من الدنيا، ففعلوا ما أوحيناه إليهم ) وكانوا لنا ( دائماً جبلة وطبعاً ) عابدين ) أي فاعلين لكل ما يأمرون به غيرهم، فعل العبد مع ملاه من كل ما يجب له من الخدمة، ويحق له من التعظيم والحرمة.
ولما كان سبحانه قد سخر لصديقه لوط عليه السالم إهلاك من عصاه في أول المر بحجارة الكبريت التي هي من النار، وفي آخره بالماء الذي هو اقوى من النار، تلاه به فقال :( ولوطاً ) أي وآتيناه أو واذكر لوطاً ؛ ثم استأنف قوله :( ءاتيناه ) أي بعظمتنا ) حكماً ) أي نبوة وعملاً محكماً بالعلم ) وعلماً ( مزيناً بالعمل ) ونجيناه ( بانفرادنا بالعظمة.
ولما كانت مادة ( قرا ) تدل على الجمع، قال :( من القرية ( المسماة سدوم، أي من عذابهم وجميع شرورهم، وأفرد تنبيهاً على عمومها بالقلع والقلب وأنه كان في غاية السهولة والسرعة، وقال أبو حيان : وكانتسبعاً، عبر عهنا بالواحدة لاتفاق أهلها على الفاحشة.
) التي كانت ( قبل إنجائنا له منها ) تعمل الخبائث ( بالذكران، وغير ذلك من الطغيان، فاستحقوا النار التي أمر المؤلفات، بما ارتكبوا من الشهوة المححظورة لعدهم لها الملذذات، والغمر بالماء القذر المنتن الذي جعلناه - مع أنا جعلنا من


الصفحة التالية
Icon