صفحة رقم ٩٩
الماء كل شيء حي - لا يعيش فيه حيواناً، فضلاً عن أن يتولد منه، ولا ينتفع به، لما خامروا من القذر الذي لا ثمرة له.
ولما كان في هذا إشارة غلى إهلاك القرية، وأن التقدير : ودمرنا عليهم بعد انفصاله عنهم، علله بقوله :( إنهم كانوا ( اي بما جلبوا عليه ) قوم سوء ) أي ذوي قدرة على الششر بانهماكهم في الأعمال السيئة ) فاسقين ( خارجين من كل خير، ثم زاد الإشارة وضوحاً بقوله :( وأدخلناه ) أي دونهم بعظمتنا ) في رحمتنا ) أي في الأحوال السنية، والأقوال العلية، والأفعال الزكية، التي هي سبب الرحمة العظمى ومسببة عنها ؛ ثم علل ذلك بقوله :( إنه من الصالحين ) أي لما جلبناه عليه من الخير.
ولما أتم سبحانه قصة لوط المناسبة لقصة الخليل عليهما السلام بحجارة الكبريت، لقصة نوح عليه السلام بالماء الذي غمرت به قراه السبع، أتبع ذلك قصة نوح عليه السلام الذي سخر له من الماء مل لم يسخره لغيره لغمره جميع الأرض دانيها وقاصيها، واطيها وعاليها، فقال :( ونوحاً إذ ) أي اذكره حين ) نادى ) أي دعا ربه
٧٧ ( ) إني مغلوب فانتصر ( ) ٧
[ القمر : ١٠ ] و
٧٧ ( ) لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً ( ) ٧
[ نوح : ٢٦ ] ونحوه من الدعاء.
ولما كان دعاؤه لم يستغرق الأزمنة الماضية، أثبت الجالر فقال :( من قبل ) أي من قبل لوط ومن تقدمه ) فاستجبنا ) أي أردنا الإجابة وأوجدناها بعظمتنا ) له ( في ذلك النداء ؛ ثم سبب عن ذلك قوله :( فنجيناه ) أي بعظمتنا تنجية عظيمة ) وأهله ( الذين أدام ثباتهم على الإسلام وصلتهم به ) من الكرب العظيم ( من الأذى والغرق ؛ قال أبو حيان : والكرب : أقصى الغم، والأخذ بالنفس، وهو هنا الغرق، عبر عنه بأول أحوال ما يأخذ الغريق.
) ونصرناه ) أي مخلصين له ومانعين ومنتقمين ) من القوم ) أي المتصفين بالقوة ) الذين كذبوا ) أي أوقعوا التكذيب له ) بآيتنا ) أي بسبب إتيانه بها، وهي من العظمة على أمر لا يخفى.
ولما كان التقدير : ثم أهلكناهم، علله بقوله :( إنهم كانوا قوم سوء ( لا عمل لهم إلا ما يسوء ) فأغرقناهم ) أي بعظمتنا التي أتت عليهم كلهم ) أجمعين ( حتى من قطع الكفر بين نوح عليه السلام وبينه من أهله فصار لا يعد من أهله، لاختلاف الانتساب بالدين.
ولما كان ربما قيل : لم قدم إبراهيم ومن معه على نوح وهو أبوهم ومن أولي العزم، وموسى وهارون على إبراهيم وهو كذلك، أشار بقصة داود وسليمان - على


الصفحة التالية
Icon