صفحة رقم ١١٤
ذكر فصير رجلاً ) وكان الله ) أي الذي له كل صفة كمال أزلاً وأبداً ) بكل شيء ( من ذلك وغيره ) عليماً ( فيعلم من يليق بالختم ومن يليق بالبدء، قال الأستاذ ولي الدين الملوي في كتابه حصن النفوس في سؤال القبر : واختصاصه ( ﷺ ) بالأحمدية والمحمدية علماً أن الحمد لله رب العالمين، وقد بين السهيلي هذا في سورة الحواريين من كتاب الإعلام - انتهى.
وقد بينت في سورة النحل أن مدار مادة على بلوغ الغاية وامتطاء النهاية.
ولما كان ما أثبته لنفسه سبحانه من إحاطة العلم مستلزماً للإحاطة بأوصاف الكمال، وكان قد وعد من توكل عليه بأن يكفيه كل مهم، ودل على ذلك بقصة الأحزاب وغيرها وأمر بطاعة نبيه ( ﷺ ) وتقدم بالوصية التامة في تعظيمه إلى أن أنهى الأمر في إجلاله، وكانت طاعة العبد لرسول الله ( ﷺ ) من كل وجه حتى يكون مسلوب الاختبار معه، فيكون بذلك مسلماً لا يحمل عليها إلا طاعة الله، وكانت طاعة الله كذلك لا يحمل عليها إلا دوام ذكره، قال بعد تأكيد زواجه ( ﷺ ) لزينب رضي الله عنها بأنه هو سبحانه زوجه إياها لأنه قضى أن لا نبوة بينه وبين أحد من رجال أمته توجب حرمة زوج الولد :( يا أيها الذين آمنوا ) أي ادعوا ذلك بألسنتهم ) اذكروا ) أي تصديقاً لدعواكم ذلك ) الله ( الذي هو أعظم من كل شيء ) ذكراً كثيراً ) أي بأن تعقدوا له سبحانه صفات الكمال وتثنوا عليه بها ألسنتكم، فلا تنسوه في حال من الأحوال ليحملكم ذلك على تعظيم رسوله ( ﷺ ) حق تعظيمه، واعتقاد كماله في كل حال، وأنه لا ينطق عن الهوى، لتحوزوا مغفرة وأجراً عظيماً، كما تقدم الوعد به.
ولما كان ثبوت النبوة بين وبين أحد من الرجال خارماً لإحاطة العلم، وجب تنزيهه سبحانه عن ذلك فقال :( وسبحوه ) أي عن أن يكون شيء على خلاف ما أخبر به، وعن كل صفة نقص بعد ما أثبتم به كل صفة للكمال ) بكرة وأصيلاً ) أي في أول النهار وآخره أي دائماً لأن هذين الوقتين إما للشغل الشاغل ابتداء أو انتهاء أو للراحة، فوجوب الذكر فيهما وجوب له من غيرهما من باب الأولى، قال ابن عباس رضي الله عنهما : لم يفرض الله على عباده فريضة إلا جعل لها حداً معلوماً، تم عذر أهلها في حال العذر غير الذكر فإنه تعالى لم يجعل له أحداً لها حداً ينتهي إليه، ولم يعذر أحداً في تركه إلا مغلوباً على عقله.
وهما أيضاً مشهودان بالملائكة ودالان على الساعة : الثاني قربها بزوال الدنيا كلها، والأول على البعث بعد الموت، وبجوز أن يكون ذلك إشارة إلى صلاتي الصبح والعصر، لأن المواظبة عليهما - لما أشير إليه من صعوبتهما بما يعتري


الصفحة التالية
Icon