صفحة رقم ١٢١
يوجد نكاحه لها يجعلها من منكوحاته بعقد أو ملك يمين، فتصير له مجرد ذلك بلا مهر ولا ولي ولا شهود.
ولما كان ربما فهم أن غيره يشاركه في هذا المعنى، قال مبيناً لخصوصيته واصفاً لمصدر ) أحللنا ( مفخماً للأمر بهاء المبالغة ملتفتاً غلى الخطاب لأنه معين للمراد رافع للارتياب :( خالصة لك ( وزاد المعنى بياناً بقوله :( من دون المؤمنين ) أي من الأنبياء وغيرهم، وأطلق الوصف للرسوخ فشمل من قيد بالإحسان والإيقان، وغير ذلك من الألوان، دخل من نزل عن رتبهم من الذين يؤمنون والذين آمنوا وسائر الناس من باب الأولى مفهوم موافقة، وقد كان الواهبات عدة ولم يكن عنده منهن شيء.
روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله وأقوال : أما تستحي المرأة أن تهب نفسها، فلما نزلت ) ترجى من تشاء منهن ( قلت : يا رسول الله، ما أرى ربك إلا يسارع في هواك.
ولما كان التخصيص لا يصح ولا يتصور إلا من محيط العلم بأن هذا الأمر ما كان لغير المخصوص تام القدرة، ليمنع غيره من ذلك، علله بقوله :( قد ) أي أخبرناك بأن هذا أمر يخصك دونهم لأنا قد ) علمنا ما فرضنا ) أي قدرنا بعظمتنا.
ولما كان ما قدر للإنسان عطاء ومنعنا لا بد له منه، عبر فيه بأداة الاستعلاء فقال :( عليهم ) أي المؤمنين ) في أزواجهم ) أي من أنه لا تحل لهم امرأة بلفظ الهبة منها ولا بدون مهر ولا بدون ولي شهود، وهذا عام لجميع المؤمنين المتقدمين والمتأخرين.
ولما كان هذا عاماً للحرة والرقيقة قال :( وما ملكت أيمانهم ) أي من أن أحداً غيرك لا يملك رقيقة بهبتها لنفسها منه، فيكون أحق من سيدها.
ولما فرغ من تعليل الدونية، علل التخصيص لفاً ونشراً مشوشاً بقوله :( لكيلا يكون عليك حرج ) أي ضيق في شيء من أمر النساء حيث أحللنا لك أنواع المنكوحات وزدناك الواهبة.
ولما ذكر سبحانه ما فرض في الأزواج والإماء الشامل للعدل في عشرتهن، وكان النبي ( ﷺ ) أعلى الناس فهماً وأشدهم لله خشية، وكان يعدل بينهن، ويعتذر مع ذلك من ميل القلب الذي هو خارج عن طوق البشر بقوله ( اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك ) خفف عنه سبحانه بقوله :( وكان الله ) أي المتصف بصفات الكمال من الحلم والأناة والقدرة وفيها أزلاً وأبداً ) غفوراً رحيماً ) أي بليغ