صفحة رقم ١٢٢
الستر فهو أن شاء يترك المؤاخذة فيما له أن يؤاخذ به، ويجعل مكان المؤاخذة الإكرام العظيم متصفاً بذلك أزلاً وأبداً.
الأحزاب :( ٥١ - ٥٢ ) ترجي من تشاء.....
) تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَآ آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً لاَّ يَحِلُّ لَكَ النِّسَآءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً ( ( )
ولما ذكر هاتين الصفتين، أتبعهما ما خففه عنه عن أمرهن إكراماً له ( ﷺ ) مما كان من شأنه أن يتحمل فيه ويتخرج عن فعله، فقال في موضع الاستئناف، أو الحال من معنى التخفيف في الجمل السابقة :( ترجي ( بالهمز على قراءة الجماعة أي تؤخر ) من تشاء منهن ) أي من الواهبات فلا تقبل هبتها أو من نسائك بالطلاق أو غيره مع ما يؤنسها من أن تؤويها، وبغير همز عند حمزة والكسائي وحفص من الرجاء أي تؤخرها مع أفعال يكون بها راجية لعطفك ) وتؤدي ) أي تضم وتقرب بقبول الهبة أو بالإبقاء في العصمة بقسم وبغير قسم بجماع تخصيصاً له بذلك عن سائر الرجال ) إليك من تشاء ( وسيب نزول هذه الآية أنه لما نزلت آية التخيير أشفقن أن يطلقهن فقلن : يا نبي الله اجعل لنا من مالك ونفسك ما شئت.
ودعنا على حالنا، فنزلت.
ولما كانت ربما مال إلى من فارقها، بين تعالى حكمها فقال :( ومن ابتغيت ) أي مالت نفسك إلى طلبها ) ممن عزلت ) أي أوقعت عزلها بطلاق أو رد هبة ) فلا جناح عليك ) أي في إيوائها بعد ذلك بقبول هبتها أو بردها إلى ما كانت عليه من المنزلة عندك من قيد النكاح أو القسم.
ولما كانت المفارقة من حيث هي - ولا سيما إن كان فراقها لما فهم منها من كراهية يظن بها - أنها تكره الرجعة، أخبر سبحانه أن نساءه ( ﷺ ) على غير ذلك فقال :( ذلك ) أي الإذن لك من الله والإيواء العظيم الرتبة، لما لك من الشرف ) أدنى ) أي أقرب من الإرجاء ومن عدم التصريح بالإذن في القرآن المعجز، إلى ) أن تقر أعينهن ) أي بما حصل لهن من عشرتك الكريمة، وهو كناية عن السرور والطمأنينة ببلوغ المراد، لأن من كان كذلك كانت عينه قارة، ومن كان مهموماً كانت عينه كثيرة التقلب لما يخشاه - هذا إن كان من القرار بمعنى السكون، ويجوز أن يكون من القر الذي هو ضد


الصفحة التالية
Icon