صفحة رقم ١٢٩
أخبر أن القوم خرجوا، فرجع حتى إذا وضع رجله في أسفكة الباب داخلة وأخرى خارجة أرخى الستر، وفي رواية : فذهبت أدخل فألقى الحجاب بيني وبينه، وأنزلت آية الحجاب ) يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي ( الآية، وللبخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لرسول الله ( ﷺ ) : احجب نساءك قالت : فلم يفعل، وكان أزواج النبي ( ﷺ ) يخرجن ليلاً إلى ليل قبل المناصع، خرجت سودة بنت زمعة وكانت امرأة طويلة رضي الله عنها، فرآها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو في المجلس فقال : عرفتك يا سودة، حرصاً على أن ينزل الحجاب، قالت : فأنزل الله عز وجل الحجاب وللبخاري عن أنس رضي الله عنه ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما كلاهما عن عمر رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو أمرتهن أن يتحجبن، فنزلت آية الحجاب، وروى في السبب أشياء غير هذه، وقد تقدم أنه ليس ببدع أن يكون للآية الواحدة عدة أسباب مستوية الدرجة، أو بعضها أقرب من بعض، على أنه قد روى البخاري في التفسير في سياق هذه الآية ما هو صريح في أن قصة سودة بعد الحجاب عن عائشة رضي الله عنها، قالت : خرجت سودة بعد ما ضرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : يا سودة أما والله ما تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين، قالت : يا رسول الله إني خرجت لبعض حاجتي، فقال لي عمر كذا وكذا، قالت : فأوحى الله إليه ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه فقال : قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن وهؤلاء الذين جلسوا - والنبي ( ﷺ ) على ما هو عليه من الكراهة لجلوسهم بما ذكر من هيئته في حيائه وتهيئه للقيام ونحو ذلك - لم يستثمروا الفقه من أحواله، بل كانوا واقفين عندما يسمعونه من مقاله، وطريقة الكمل الاستبصار برسمه وحاله كما يستبصرون من قاله وفعاله، قال الحرالي : الحال كل هيئة تظهر عن انفعال باطن، وبختص بتفهمها المشاهد المتوسم، وذلك كضحكه ( ﷺ ) للذي رآه يوم خيبر وقد أخذ جراب شحم من فيء يهود وهو يقول : لا أعطي اليوم من هذا أحداً شيئاً، وكتغير وجهه لعمر رضي الله عنه لما أخذ يقرأ عليه صحيفة من حكم