صفحة رقم ١٣٨
يعلمك بوقتها ؟ ثم استأنف قوله :( لعل الساعة ) أي التي لا ساعة في الحقيقة غيرها لما لها من العجائب ) تكون ) أي توجد وتحدث على وجه مهول عجيب ) قريباً ) أي في زمن ثريب، ويجوز أن يكون التذكير لأجل الوقت لأن السؤال عنها إنما هو سؤال عن تعيين وقتها، قال البخاري في الصحيح : إذا وصفت صفة المؤنث قلت : قريبة، وإذا جعلته ظرفاً وبدلاً ولم ترد الصفة نزعت الهاء من المؤنث، وكذلك لفظها في الواحد والاثنين والجمع للذكر والأنثى.
والمراد بالتعبير بلعل أنها بحيث يرجو قربها من يرجوه ويخشاه من يشخاه، فهل أعد من يخشاها شيئاً للمدافعة إذا جاءت أو النجاة منها إذا أقبلت ؟ ثم استأنف الإخبار بحال السائلين عنها بقوله مؤكداً في مقابلة إنكار الكفار أن يكون في حالهم شي من نقص :( إن الله ) أي الملك الأعظم الذي لا أعظم منه ) لعن ) أي أبعد إبعاداً عظيماً عن رحمته ) الكافرين ) أي الساترين لما من شأنه أن يظهر مما دلت عليه العقول السليمة من أمرها سواء كانوا مشاققين أو منافقين ) وأعد لهم ) أي أوجد وهيأ لتكذيبهم بها وبغيرها مما أوضح لهم ادلته ) سعيراً ) أي ناراً شديدة الاضطرام والتوقد.
ولما كان العذاب ربما استهانه بعض الناس إذا كان ينقطع ولو كان شديداً، قال مبيناً لحالهم :( خالدين فيها ( ولما كان الشيء قد يطلق على ما شابهه بوجه مجازاً وعلى سبيل المبالغة، قال مؤكداً لإرادة الحقيقة :( أبداً ( ولما كان الشيء قد يراد ثم يمنع منه مانع، قال مبيناً لحالهم في هذه الحال :( لا يجدون ولياً ) أي يتولى أمراً مما يهمهم بشفاعة أو غيرها ) ولا نصيراً ( ينصرهم.
ولما ذكر حاليهم هذين، أتبعه حالاً لهم قولياً على وجه بين حالاً فعلياً فقال :( يوم ) أي مقدار خلودهم فيها على تلك الحال بوم ) تقلب ) أي تقليباً كثيراً شديداً ) وجوهم ( كما يقلب اللحم المشوي وكما ترى البضعة في القدر يتراقى بها الغليان من جهة إلى جهة، من حال إلى حال، وذكر ذلك وإن كانت تلك النار غنية عنه لأحاطتها لأن ذكره أهول لما فيه من التصوير، وخص الوجوه لأنها أشرف، والحدث فيها أنكأ.
ولما كان للإظهار مزيد بيان وهول مع إفادته استقلال ما هو فيه من الكلام بنفسه، قال :( في النار ) أي المسعرة حال كونهم ) يقولون ( وهم في محل الجزاء وقد فات المحل القابل للعمل، متمنين لما لا يدركون تلافيه لأنهم لا يجدون ما يقدرون أنه يبرد غلتهم من ولي ولا نصير ولا غيرهما سوى هذا التمني :( يا ليتنا أطعنا ) أي في الدنيا ) الله ) أي الذي علمنا الآن أنه الملك الذي لا أمر لأحد معه.
ولما كان المقام للمبالغة في الإذعان والخضوع، وأعادوا العامل فقالوا :( وأطعنا