صفحة رقم ٢٢٨
للرحيل عنها ) يدخلونها ) أي الثلاثة أصناف، ومن دخلها لم يخرج منها لأنه لا شيء يخرجه ولا هو يريد الخروج على أن الضمير ل ( الذين ) ومن قال ل ( عبادنا ) خص الدخول بالمقتصد والسابق - هذا على قراءة الجماعة بفتح الياء وضم الخاء، وعلى قراءة أبي عمرو بالبناء للمفعول يكون الضمير للسابق فقط، لأنهم يكونون في وقت الحساب على كثبان المسك ومنابر النور فيستطيبون مكانهم، فإذا دعوا إلى الجنة أبطؤوا فيساقون إليها كما في آخر الزمر.
ولما كان الداخل إلى مكان أول ما ينظر إلى ما فيه من النفائس قال :( يحلّون فيها ) أي يلبسون على سبيل التزين والتحلي ) من أساور ( ولما كان للإبهام ثم البيان مزيد روعة النفس، وكان مقصود السورة إثبات القدرة الكاملة لإثبات اتم الإبقاءين، شوق إلى الطاعة الموصلة إليه بفضل ما نعرف من الحلية، فقال مبيناً لنوع الأساور :( من ذهب ولؤلؤ ( ولما كانت لا تليق إلى على اللباس الفاخر، قال معرفاً أنهم حين الدخول يكونون لابسين :( ولباسهم فيها حرير ( ولما كان المقتصد والسابق يحزنون لكمالهم وشدة شفقتهم على الظالم إذا قوصص، جمع فقال معبراً بالماضي تحقيقاً له :( وقالوا ) أي عند دخولهم :( الحمد ) أي الإحاطة بأوصاف الكمال ) لله ) أي الذي لم تمام القدرة ) الذي أذهب ) أي بدخولنا هذا ) عنا الحزن ) أي هذا النوع بكماله، فلا نحزن على شيء كان فاتنا، ولا يكون لنا حزن أبداً لأنا صرنا في دار لا يفوت فيها شيء أصلاً ولا ينفى.
ولما كانوا عالمين بما اجترحوه من الزلات أو الهفوات أو الغفلات التي لولا الكرم لأدتهم إلى النار، عللوا ما صاروا إليه معها بقولهم، مؤكدين إعلاماً بما عندهم من السرور بالعفو عن ذنوبهم، وأن ما أكدوه حقيق بأن يتغالى في تأكيده لما رأوا من صحته وجنوا من حلو ثمرته :( إن ربنا ) أي المحسن إلينا مع إساءتنا ) لغفور ) أي محاء للذنوب عيناً وأثراً للصنفين الأولين ) شكور ) أي على ما وهبه للعبد من حسن طاعته ووفقه له من الأعمال الحسنة فجعله به سابقاً، ثم وصفوه بما هو شكر له فقالوا :( الذي أحلنا دار المقامة ) أي الإقامة ومكانها وزمانها التي لا يريد النازل بها على كثرة النازلين بها - ارتحالاً منها، ولا يراد به ذلك، ولا شيء فيها يزول فيؤسف عليه.
وكان المالك المطلق لا يجب عليه شيء ولا استحقاق لمملوكه عليه بوجه قال :( من فضله ) أي بلا عمل منا فإن حسناتنا إنما كانت منّاً منه سبحانه، لو لم يبعثنا وييسرها لنا لما كانت.
ولما تذكروا ما شاهدوه في عرصات القيامة من تلك الكروب والأهوال، والأنكاد