صفحة رقم ٢٤٢
يكون به جياة هنيئة، وهي مبدأ الصلاح كما أ، البعث غايته، وأن الخاتم لها إنسان عين الموجودات وقلبها، فأثبت له ذلك على أصرح وجه وآكده، زمع جمع ما افتتحت به السورة من الحروف المقطعة المنثورة أول السورة عمادا للقرآن وسحذا للأذهان لصنفي المنقوطة والعاطلة ووصفي المجهورة والمهموسة.
يس :( ١ - ٦ ) يس
) يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ ( ( )
ولما كان القلب من الإنسان المقصود بالذات من الأكوان في نحو ثلث بدنه من جهة رأسه، وكانت الياء في نحو ذلك من حروف ( أبجد ) فإنها العاشرة منها والسين بذلك المحل من حروف أ ب ت ث فإنها الثانية عشرة منها، وعلا هذان الحرفان - بما فيهما من الجهر - عن غاية الضعف ونزلا بما لهما من الهمس عن نهاية الشدة، إشارة إلى أن القلب الصحيح هو الزجاجي الشفاف الجامع بين الصلابة والرقة الذي علا بصلابته عن رقة الماء الذي لا يثبت فيه صورة، ونزل بلطافته عن قساوة الحجر الذي لا يكاد ينطبع فيه شيء إلا بغاية الجهد، فكان جامعاً بين الصلابة والرقة متهيئاً لأن تنطبع فيه الصور وتثبت ليكون قابلاً مفيداً، فيكون متخلفاً من صفات موجدة بالقدرة والاختيار اللذين دلت عليهما سورة الملائكة، وبمعرفة الخير فيجتلبه والشر فيجتنبه فيكون فيه شاهد من نفسه على الإعتقاد الحق في صانعه، وكانت المهجورة أقوى فقدمت الياء لجهرها، وكانتا - بعد اختلاف بالجهر والهمس - قد اتفقتا في الانفتاح والرخاوة والاستفال إشارة إلى أن القلب لا يصلح - كما تقدم - مع الصلابة التي هي في معنى الجهر إلا بالإخبات الذي هو في معنى الهمس، وبالنزول عن غاية الصلابة إلى حد الرخاوة لئلا يكون إلى ربه بالهمس فتعادلتا، ودل كونها من حروف النداء على خروجه عن الحد في الشده حتى تبدو عنه تلك الآثار المخلية للديار، المنفية للصغار والكبار، ثم الباغتة لهم من جميع الأقطار، امتثالاً لأمر الواحد القهار، وكان مخرجهما من اللسان الذي هو قلب المخارج الثلاثة لتوسطه وكثرة منافعه في ذلك، وكانت الياء من وسطه والسين من طرفه، وكان هذان المخرجان، مع كونهما وسطاً، مداراً لأكثر الحروف، هذا مع ما لهما من الأسرار التي تدق عن تصور الأفكار، قال تعالى :( يس ( وإن كان المعنى : يا إنسان، فهو قلب الموجودات المخلوقات كلها وخالصها