صفحة رقم ٢٥٥
لأهل الإيمان :( قيل ) أي له بعد قتلهم إياه، فنباه للمفعول وحذفه لأن المقصود القول لا قائله والمقول له معلوم :( ادخل الجنة ( لأنه شهيد، والشهداء يسرحون في الجنة حيث شاؤوا من حين الموت.
ولما كان الطبع البشري داعياً إلى محبة الانتقام ممن وقع منه الأذى بين سبحانه أن الأصفياء على غير ذلك الحال، فقال مستأنفاً :( قال يا ليت قومي ) أي الذين فيهم قوة لما يراد منهم، فلو كانت قوتهم على الكفار لكانت حسنة ) يعلمون ( ولما أريد التصريح بوقوع الإحسان إليه، حل المصدر إلى قوله :( بما غفر لي ) أي أوقع الذي أحسن إلي في الأخرى بعد إحسانه في الدنيا ) وجعلني ( ولما كان الأنس أعظم فوز، عدل عن أن يقول ( مكرماً ) إلى قوله :( من المكرمين ) أي الذين أعطاهم بإكرامه العلى بقطعهم جميع اعمارهم في العبادة، فنصح لقومه حياً وميتاً يتمنى علمهم بإكرامه تعالى له ليعلموا مثل عمله فينالوا ما ناله، وفي قصته حث على المبادرة إلى مفارقة الأشرار واتباع الأخيار، والحلم عن أهل الجنة إلا برحمة الله وإن كان محسناً، وهذا كما وقع للأنصار رضي الله عنهم في المبادرة إلى الإيمان مع بعد الدار والنسب، وفي قول من استشهد منهم في بئر معونة - كما رواه البخاري في المغازي عن أنس رضي الله عنه : بلغوا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا، وفي غزوة أحد كما في السيرة وغيرها لما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم : يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب، فقال تبارك وتعالى : فأنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله تعالى على رسوله ( ﷺ ) ) ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ( الآيات في سورة آل عمران، وفي التمثيل بهذه القصة إشارة إلى أن في قريش من ختم بغيرهم لتظهر قدرته وليستوفي الآجال أولئك، ثم يقبل بقلوب غيرهم، فتظهر مع ذلك حكمته - إلى غير ذلك من ينابيع المعاني، وثابت المباني.
ولما كان سبحانه قد جعل أكثر جند هذا النبي الكريم من الملائكة فأيده بهم في حالتي المسمالمة والمصادمة وحرسه ممن أراده في مكة المشرفة وبعدها بهم، ذكره ذلك