صفحة رقم ٣٥٣
بساحتهم ) أي غلب عليها لأن ذلك شأن النازل بالشيء من غير إذن صاحبه ولا يغلب عليها إلا وقد غلب على أهلها فبرك عليهم بروكاً لا يقدرون معه على البروز إلى تلك الساحة وهي الفناء الخالي عن الأبنية كأنه متحدث القوم وموضع راحتهم في أي وقت كان بروكه من ليل أو نهار، ولكن لما كانت عادتهم الإغارة صباحاً، قال على سبيل التمثيل مشيراً بالفاء إلى أنه السبب لا غيره ) فساء صباح المنذرين ) أي الذين هم ولقد صار من لم يتأهل لغير الإنذار فيه في غاية السوء، وهم الذين قتلهم النبي ( ﷺ ) في ذلك اليوم، ومنهم من تعلق بأستار الكعبة فلم يفده ذلك، ولكنهم كانوا قليلاً، والباقون إن كان ذلك الصباح على ما ساءهم منظره فلقد سرهم لعمر الله مخبره.
ولما كان النبي ( ﷺ ) نبي الرحمة لا يستأصل قومه بعذاب، قال دالاً على ذلك بتكرير الأمر تأكيداً للتسلية، ووعد النصرة مع ما فيه من زيادة المعنى على الأول، عاطفاً على ( تولّ ) الأولى :( وتول ) أي كلف نفسك الصبر عليهم في ذلك اليوم الذي ينزل بهم العذاب الثاني والإعراض ) عنهم حتى حين ( وكذا فعل ( ﷺ ) فإنه حل بساحتهم يوم الفتح صباحاً، فلم يقدروا على مدافعة.
الصافات :( ١٧٩ - ١٨٢ ) وأبصر فسوف يبصرون
) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( ( )
ولما كابر بعضهم ودافع، لم يكن بأسرع من أن ولوا وطلبوا السلامة بالدخول فيما جعله ( ﷺ ) علماً على التأمين، وقال حماس بن قيس أخو بني بكر لما دخل بيته لامرأته : أغلقي عليّ الباب، فعيرته بالهزيمة بعن أن كانت تنهاه عن منابذة المسلمين فلا ينتهي ويقول لها : لا بد، أن أخدمك بعضهم :
إنك لو شهدت يوم الحندمه إذ فر صفوان وفر عكرمه واستقبلنا بالسيوف المسلمة يقطعن كل ساعد وجمجمه ضرباً فلا يسمع إلا غمغمه لهم نهيت خلقنا وهمهمهلم تنطقي في اللوم أدنى كلمه
ولما كان هذا منطبقاً على يوم الفتح، وكان ذلك اليوم قد أحل الكفار محلاًّ صاروا به بحيث لا اعتبار لهم قال :( وأبصر ( مسقطاً ضميرهم، أي أبصر ما تريد من شؤونك التي يهمك النظر فيها، وأما هم فصاروا بحيث لا يبالي بهم ولا يفكر في أمرهم ولا يلتفت إليهم، فإنا أبدلنا من عزتهم ذلاًّ، ومن كثرتهم قلاًّ، وجردنا تلك الأراضي