صفحة رقم ٣٥٧
ص :( ١ - ٤ ) ص والقرآن ذي.....
) ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَواْ وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ وَعَجِبُواْ أَن جَآءَهُم مٌّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ( ( )
ولما نزه ربنا سبحانه نفسه الأقدس في ختام تلك عن كل شائبة نقص، وأثبت له كل كمال ناصاً على العزة، وأوجب للمرسلين السلامة، افتتح هذه بالأشارة إلى دليل ذلك بخذلان من ينازع فيه فقال :( ص ) أي إما أمرك - يا من أمرناه باستفتاء العصاة آخر الصافات وبشرناه بالنصر - مهيأ مع الضعف الذي أنتم به الآن والرخاوة والإطباق، وعلو وانتشار يملأ الآفاق ) زالقرآن ) أي الجامع - مع البيان لكل خير - لأتباع لا يحصيهم العد، ولا يحيط بهم الحد.
ولما كان القسم لا يليث ولا يحسن إلا بما يعتقد المقسم له شرفه قال :( ذي الذكر ) أي الموعظة والتذكير بما يعرف، والعلو والشرف والصدق الذي لا ريب فيه عند كل أحد، فكل من سمعه اعتقد شرفه وصدق الآتي به ليملأن شرفه المنزل عليه الأقطار، وليزيدن على كل مقدار، كما تقدمت الدلالة عليه بالحرف الأول، والذين كفروا وإن أظهروا الشك في ذلك وانتقصوه قولاً فإنهم لا ينتقصونه علماً ) بل الذين كفروا ( بما يظهرون من تكذيبه ) في عزة ) أي عسر وصعوبة ومغالبة بحمية الجاهلية مظروفون لها، فهي معمية لهم عن الحق لإحاطتهم بهم، وأنثها إشارة إلى ضعفها، وبشارة بسرعة زوالها وانقلابها إلى ذل ) وشقاق ) أي إعراض وامتناع واستكبار على قبول الصدق من لساني الحال الذي أفصح به الوجود، والقال الذي صرح به الذكر فهداهم إلى ما هو في فطرهم وجبلاتهم بأرشق عبارة وأوضح إشارة لو كانوا يعقلون، فأعرضوا عن تدبره عناداً منهم لا اعتقاداً فإنهم لا يكذبوك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون، وتنكيرهما للتعظيم، قال الرازي : حذف الجواب ليذهب فيه القلب كل مذهب ليكون أغزر وبحوره أزخر - انتهى.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما ذكر تعالى حال الأمم السالفة مع أنبيائهم في العتو والتكذيب، وأن ذلك أعقبهم الأخذ الوبيل والطويل، كان هذا مظنة لتذكير حال مشركي العرب وبيان سوء مرتكبهم وأنهم قد سبقوا إلى ذلك الارتكاب، فحل بالمعاند سوء العذاب، فبسط حال هؤلاء وسء مقالهم ليعلم أنه لا فرق بينهم وبين مكذبي الأمم السالفة في استحقاق العذاب وسوء الانقلاب، وقد وقع التصريح بذلك في قوله تعالى ) كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد ( إلى قوله :( إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب ( ولما أتبع سبحانه هذا بذكر استعجالهم في قوله ) عجل لنا قطناً قبل يوم الحساب ( أتبع ذلك بأمر نبيه ( ﷺ ) بالصبر فقال ) اصبر على ما يقولون ( ثم آنسه بذكر


الصفحة التالية
Icon