صفحة رقم ٣٨٦
أي لا يوجد طلبه وجوداً تحصل معه المطاوعة والتسهل ) لأحد ( في زمان ما طال أو قصر سواء كان كاملاً في الصورة والمعنى أو جسداً خالياً عن العز كما حصلت به الفتنة من قبل، وبعّض الزمان بذكر الجار فقال :( من بعدي ( حتى أتمكن من كل ما أريد من التقرب إليك وجهاد من عاداك، ويكون ذلك إمارة لي على قبول توبتي ولا تحصل لي فتنة بإلقاء على الكرسي مضافاً إليه من غير أن ينسب إليه هو ( ﷺ ) شيء، وهو مناسب لعقر الخيل الذي هو إذهاب ما به العز - والله أعلم، وبهذا التقدير علم أنه لو ذكر الظرف من غير حرف لأوهم تقيد الدعوة بملك يستغرق الزمان الذي بعده، ثم علل ما طلبه من الإعطاء والمنع بقوله على سبيل التأكيد إسقاطاً لما غلب على النفوس من رؤية الأسباب :( إنك أنت ) أي وحدك ) الوهاب ) أي العظيم المواهب مع التكرار كلما أردت، فتعطي بسبب من تشاء وتمنع من تشاء.
ولما تسبب عن دعائه الإجابة، اعلم سبحانه بقوله :( فسخرنا ) أي ذللنا بما لنا من العظمة ) له الريح ( لإرهاب العدو وبلوغ المقاصد عوضاً عن الخيل التي خرج عنها لأجلنا ؛ ثم بين التسخير بقوله مستأنفاً :( تجري بأمره رخاء ) أي حال كونها لينة غاية اللين منقادة يدرك بها ما لا يدرك بالخيل ( غدوها شهر ورواحها شهر ) وكل من ترك شيئاً لله غوضه الله خيراً منه، وهو هنا مبالغة من الرخاوة.
ولما كانت إصابته لما يشاء ملازمة لإرادته، عبر بها لأنها المقصود بالذات فقال :( حيث أصاب ) أي أراد إصابة شيء من الأشياء، وقد جعل الله لنبينا ( ﷺ ) أعظم من ذلك وهو أن العدو يرعب منه إلى مسيرة شهر من جوانبه الأربعة فيه أربعة أشهر ) والشياطين ) أي الذين عندهم خفة الريح مع الاقتران بالروح سخرناهم له ؛ ثم نبه على منفعتهم بالإبدال منهم فقال :( كل ( وعبر ببناء المبالغة في سياق الامتنان فقال :( بناء وغواص ) أي عظيم في البناء صاعداً في جو السماء والغوص نازلاً في أعماق الماء، يستخرج الدر وغيره من منافع البحر.
ص :( ٣٨ - ٤١ ) وآخرين مقرنين في.....
) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ هَذَا عَطَآؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ وَاذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ( ( )
ولما دل على مطلق تسخيرهم، دل على أنه قهر وغلبة كما هو شأن أيالة الملك وصولة العز فقال :( وآخرين ) أي سخرناهم له من الشيطاطين حال كونهم ) مقرنين ( بأمره إلى من يشاكلهم أو مقرونة أيديهم بأرجلهم أو بأعناقهم، وعبر به مثقلاً


الصفحة التالية
Icon