صفحة رقم ٤٣٧
كما نبه بخصوص الخطاب في أول هذا الباب للمنزل عليه هذا الكتاب، وأما غيره وغير من تبعه بإحسان فهم كبهائم الحيوان.
ولما كان الذي قرر به أمراً فيما يظنه السامع ظاهراً كما كان جديراً بأن ينكر بعض المرافقين مع الظواهر تخصيص الألباء به، سبب عن ذلك الإنكار في قوله :( أفمن شرح الله ) أي الذي له القدرة الكاملة والعلم الشامل ) صدره للإسلام ) أي للإنقياد للدليل، فكان قلبه ليناً فانقاد للإيمان فاهتدى لباطن هذا الدليل ) فهو ) أي فيتسبب عن إسلام ظاهره وباطنه للداعي أن كان ) على نور ) أي بيان عظيم كتاب، به يأخذ، ويه يعطي، وإليه في كل أمر ينتهي قد استعلى عليه فهو كأنه راكبه، يصرفه حيث يشاء، وزاد في بيان عظيم هدايته بلفت القول إلى مظهر الإحسان فقال :( من ربه ) أي المحسن إليه إحسانه في انقياده، فبشرى له فهو على صراط مستقيم، كمن جعل صدره ضيقاً حرجاً فكان قلبه قاسياً، فكان في الظلام خابطاً، فويل له - هكذا كان الأصل ولكن قيل :( فويل للقاسية قلوبهم ) أي لضيق صدورهم، وزاد في بيان ما بلاهم به من عظيم القسوة بلفت القول إلى الاسم الدال على جميع الأسماء الحسنى والصفات العلى فقال :( من ذكر الله ( فإن من تبتدئ قسوته مما تطمئن به القلوب وتلين له الجلود، من مدح الجامع لصفات الكمال فهو أقسى من الجلمود.
ولنا كان من رسم بهذا الخزي أخسر الناس صفقة أنتج وصفه قوله تعالى :( أولئك ) أي الأباعد الأباغض ) في ضلال مبين ) أي واضح في نفسه موضح أمره لكل واحد، فالاية من الاحتباك : ذكر أولاً الشرح والنور دليلاً على حذف ضده ثانياً، وثانياً الويل للقاسي والضلال دليلاً على حذف أولاً - روى البيهقي في الشعب والبغوي من طريق الثعلبي والحكيم الترمذي من وجه آخر عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي ( ﷺ ) قرأ هذه الآية، قال : فقلنا : يا رسول الله ؟ كيف انشراح صدورهم ؟ قال ( إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح ) قلنا : يا رسول الله ؟ فما علاقة ذلك ؟ قال ( الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والتأهب للموت قبل نزول الموت ).
وقال الأستاذ أبوة القاسم القشيري : والنور الذي من قبله سبحانه نور اللوائح بنجوم العلم، ثم نور اللوامع ببيان الفهم، ثم نور المحاضرة بزوائد اليقين، ثم نور المكاشفة بتجلي الصفات، ثم نور المشاهدة بظهور الذات، ثن نون المحاضرة بزوائد اليقين، ثم نور المكاشفة بتجلي الصفات، ثم نور المشاهدة بظهور الذات، ثم أنوار الصمدية بحقائق التوحيد، فعند ذلك لا وجد